للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: أن يكونَ الدافعُ لشهودِ الجنازةِ احتسابَ الأجرِ عندَ الله والناسُ يختلفون في الباعثِ على اتِّباعِ الجنائز، لكنّ الأجرَ المذكورَ فيها خاصٌّ بمن اتَّبعَها إيمانًا بوعدِ الله واحتسابًا للأجرِ، وفي ((صحيحِ البخاريِّ)) عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتبع جَنَازةَ مسلمٍ إيمانًا واحتسابًا وكان معه حتى يُصلَّى عليه ويُفرَغَ من دفنِها، فإنه يرجعُ من الأجرِ بقِيراطَينِ كلُّ قيراطٍ مثلَ أُحدٍ، ومَن صلَّى عليها ثم رجعَ قبل أن تُدفنَ، فإنه يرجعُ بقيراطٍ)) (١).

فهل تَستحضرُ هذه النيةَ - أخي المسلمَ - حين تشهدُ جنازةَ مسلمٍ، ليحصلَ لك هذا الأجرُ العظيم؟

ثانيًا: التزاحمُ على النَّعشِ وكثرةُ الحاملينَ للجنازةِ، عن قَتَادةَ قال: شهدتُ جنازةً فازدَحَمُوا على الجنازةِ، وقال أبو السَّوَّار العَدَوي: نرى هؤلاءِ أفضلَ أو أصحابَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كان أحدُهم إذا رأى مَحمَلًا حَمَل، وإلا اعتزلَ ولم يُؤْذِ أحدًا (٢).

وقال مباركُ بنُ فَضَالةَ: حضر الحسنُ البصريُّ جنازةَ بكرِ بنِ عبدِ اللهِ - أحدِ الأئمةِ الثِّقاتِ من سادةِ التابعين - وكان على حمارٍ، فرأى الناسَ يزدحمون، فقال الحسنُ: (ما يُوزَرون أكثرُ مما يُؤجَرون، كانوا - لعلَّه يقصدُ الصحابةَ - ينظرونَ فإنْ قَدَرُوا على حَمْلِ الجنازةِ أعقَبُوا إخوانَهم) (٣).

وقد عدَّ ابن حَزْمٍ رحمَه اللهُ التزاحمَ على الجنازةِ من البِدَع (٤)، وفي


(١) البخاري (٤٧)، أحمد الزومان: من أحكام الجنائز، ٦.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٣٦٧، وإسناده صحيح، أحمد الزومان: من أحكام الجنائز ص ٧.
(٣) الذهبي، سير أعلام النبلاء ٥/ ٥٣٥، وانظر: ابن سعد: الطبقات ٧/ ٢١١.
(٤) المحلى ٥/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>