للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((حاشيةِ الروض المُربِع)) لابن قاسم قال: ولو كان ازدحامُ الحاملين مسنونًا لتوفَّرتِ الهِممُ والدواعي على نقلِه، نقلًا لا يَقبَلُ الاختلافُ، ولكان السلفُ الأوَّل أَوْلى بالمسارعةِ إليه، فعُلِم أنه لم يكن الأمرُ كذلك وأن الازدحامَ الموجبَ للدَّبيبِ بها بدعةٌ، لمخالفةِ الإسراع المأمورِ به (١).

ثالثًا: اللغطُ وارتفاعُ الأصواتِ في المقابرِ ليس من هَدْيِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ولا هديِ أصحابِه، بل كان شأنُهم السكونَ والخشوعَ، وفي حديثِ البراءِ ابنِ عازبٍ رضي الله عنه قال: خرجْنا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في جَنازةِ رجلٍ من الأنصار، فانتهَيْنا إلى القبرِ ولم يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وجلسْنا حولَه، وكأنَّ على رؤوسِنا الطيرَ. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكمُ وصححه ووافقه الذهبي (٢).

وقولُه: ((وكأنَّ على رؤوسِهم الطيرَ)) وَصَفَهم بالسكونِ والوَقارِ، لأن الطيرَ لا تكاد تقعُ إلا على شيءٍ ساكن، وكان عثمانُ رضي الله عنه إذا وقفَ على القبرِ يبكي حتى يبلَّ لحيتَه. رواه الترمذي وابنُ ماجه وحسَّنه الحافظ ابن حجر والألباني (٣).


(١) حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، لابن قاسم ٣/ ١٠٩.
(٢) المستدرك ١/ ٣٨.
(٣) انظر: الفتوحات ٤/ ١٩٣، صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٢١، أحمد الزومان: من أحكام الجنائز، ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>