للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: والوصيةُ لا تقرِّبُ الموتَ ولا تبعدُه، ويخطئُ بعضُ الأموات حين يتراخَوْنَ في الوصيةِ حتى يَبغَتَهم الموتُ فجأةً، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يُذكِّر المسلمين بهذه الوصيةِ ويقول: ((ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ له شيءٌ يُوصِي فيه يَبِيتُ ليلتينِ إلا ووصيَّتُه مكتوبةٌ عندَه)) (١).

ويَحرُمُ الإضرارُ بالوصيةِ كأن يُوصِيَ لبعضِ الوَرَثةِ أو يُفضِّلَ بعضَهم على بعض، وعلى مَن عَلِمَ من مُوصٍ جَنَفًا أو إضرارًا أن يذكِّرَه ويخوِّفَه بالله، وعلى الموصَى له أن يُصلحَ الوصيةَ لتكونَ وَفْقَ المشروعِ كما قال تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

قال ابن كثيرٍ: وأحسنُ ما وردَ في النهيِ عن الحَيْفِ في الوصيةِ قولُه صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الرجل ليعملُ بعملِ أهلِ الخير سبعينَ سنةً، فإذا أوصَى حافَ في وصيِته فيُختَمُ له بشرِّ عمله فيدخلُ النارَ، وإنَّ الرجلَ ليعملُ بعملِ أهلِ الشرِّ سبعينَ سنةً فيعدِلُ في وصيتِهِ فيُختَمُ له بخيرِ عملِه فيدخلُ الجنةَ)) قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (٣).

سادسًا: فإذا مات الميتُ شَخَصَ بصرُه إلى السماء؛ لأنَّ البصرَ يَتبعُ الروحَ، ولذا يُسَنُّ تغميضُ عينَي الميت، وأن يُغطَّى بما يَستُر جميعَ بدنِه إلا من كان مُحْرِمًا فلا يُغطَّى رأسُه ولا وجهُه، ويُعجَّل بتجهيزِه والإسراع في دفنِه، وفي الحديث: ((أَسرِعوا بالجَنازةِ، فإنْ تكُ صالحةً فخيرٌ تُقدِّمونَها إليه، وإنْ تكُ سوى ذلك فشرٌّ تَضعُونَه عن رقابِكم)) متفق عليه (٤).


(١) رواه البخاري ٣/ ١٨٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٢٩. وانظر تفسير ابن كثير عند آية البقرة ١٨٢ - ١/ ٣٠٥.
(٤) صحيح الجامع الصغير ١/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>