للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنَ من عملِه وحَسناتِه بعد موتِه عِلمًا عَلَّمَه ونَشَرَه، وولدًا صالحًا تركَه، ومُصحَفًا وَورَّثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناه، أو نهرًا أَجْراه، أو صدقةً أخرجَها من مالِه في صحَّتِه وحياتِه يَلحقُه من بعدِ موتِه)) أخرجه ابنُ ماجه بسند حسن (١).

عبادَ الله: كم تقرَعُ أسماعَنا أخبارُ الموتى، فهذا حريقٌ وهذا غريقٌ، وذاك بحادثٍ، وآخرُ فجأةً، وخامسٌ عانى من المرضِ حتى وفَّى الأجلَ، موتٌ جماعي، وآخرُ فردي، موتٌ في الأطفالِ وفي الشبابِ والشيوخ وعلى مستوى الذُّكرانِ والإناث، لا فرقَ بين الغنيِّ والفقير، والعالِم والأُميِّ، والأميرِ والمأمور، إنه قطارُ الموتِ لا يتوقَّفُ، ومَلَكُ الموتِ لا يُحابي ولا يُنذِرُ، ولا يستبقي حكيمًا لحِكْمتِه ولا كريمًا لكرمِه، أو شجاعًا لشجاعتِه، أو صاحبَ جاهٍ ومنصبٍ لجاهِهِ ومنصبه، كما لا يستعجلُ ربُّكَ أخْذَ ظالمٍ لظُلمِه، بل ربما أخَّره ليومٍ تَشخَصُ فيه الأبصارُ.

إننا نسمعُ كلَّ حينٍ أخبارَ الموتى فنتأثرُ حينَها ثم ننسى، وربما غَرِقنا في همومِ الدنيا فأنسَتْنا الاستعدادَ لحياتِنا الحقيقيةِ، فإن قُلتم: هذا مصابُنا جميعًا فما العلاجُ؟ قلتُ: إليكم هذا الهَدْيَ النبويَّ فاعقِلُوه، يقول صلى الله عليه وسلم: ((من جعلَ الهمومَ همًّا واحدًا، همَّ المَعادِ، كفاه الله همَّ دنياه، ومن تَشعَّبت به الهمومُ في أحوالِ الدنيا لم يُبالِ اللهُ في أيِّ أوديتِه هلك)) رواه ابن ماجه بسند حسن (٢).

اللهمَّ ارحَمْ موتانا واشفِ مرضانا، ووفِّقْ للخيرِ أحياءَنا، واختِمْ بالصالحاتِ أعمالَنا.


(١) أحكام الجنائز/ ٧٧.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>