للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماعي، وصورةٌ معبِّرةٌ لترابُطِ المسلمين، وإحساسُ بعضِهم بمشاعرِ إخوانِهم، وفي ثوابِها وَرَدَ الحديثُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ما مِن مؤمنٍ يُعزِّي أخاه بمُصيبتِه إلا كَسَاهُ اللهُ عز وجل من حُلَلِ الكرامةِ يومَ القيامةِ)) (١).

حادي عشر: وثمةَ إحدادٌ مشروعٌ وآخرُ محظورٌ، وعنه قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِر أن تُحِدَّ على ميتٍ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا)) متفقٌ عليه.

قال سماحةُ الشيخِ ابنِ بازٍ رحمه الله: جَرَتْ عادةُ الكثيرِ من الدول الإسلاميةِ في هذا العصرِ بالأمرِ بالإحداد على من يموتُ من الملوكِ والزعماءِ لمدة ثلاثةِ أيامٍ أو أقلَّ أو أكثرَ، مع تعطيلِ الدوائرِ الحكومية وتنكيسِ الأعلامِ، ولا شكَّ أن هذا العملَ مخالفٌ للشريعةِ المحمَّدية، وفيه تشبيهٌ بأعداءِ الإسلام، وقد جاءت الأحاديثُ الصحيحةُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَنهَى عن الإحداد وتُحذِّرُ منه إلا في حقِّ الزوجة فإنها تُحِدُّ على زوجِها أربعةَ أشهرٍ وعشرًا، كما جاءتِ الرخصةُ عنه صلى الله عليه وسلم للمرأةِ خاصةً أن تُحِدَّ على قريبِها ثلاثةَ أيام، أما ما سوى ذلكَ من الإحدادِ فهو ممنوعٌ شرعًا (٢).

ثاني عشر: إخوةَ الإسلام: تذكَّروا موتاكُم ولا يكنْ دفنكم لهم آخرَ العهدِ بهم، فكم هم بحاجةٍ إلى دعائِكم وصَدَقاتِكم وزيارتِكم، وصِلَةِ أصحابِهم، إلى غيرِ ذلك من قُرُباتٍ مشروعةٍ للأموات، فهم رُهنَاءُ في قبورِهم، فلا تَبخَلُوا عليهم وعلى أنفسِكم، ألا وإنَّ بإمكانِكم - معاشرَ الأحياء - أن تتسبَّبُوا اليومَ فيما يعودُ عليكم نفعُه وأَجرُه بعد مماتِكم، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مما يلحقُ


(١) رواه ابن ماجه، وحسن النووي إسناده في ((الأذكار)) صالح الخضيري، من فقه الجنائز.
(٢) الفتاوى ١/ ٤١٥، أحمد الزومان: من أحكام الجنائز/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>