للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١).

أيها المسلمون: الاستغفارُ شعورٌ بالتقصيرِ منْ جانبِ العبدِ، وتَفَضُّلٌ بالصفحِ والعفوِ والمغفرةِ منْ قِبَلِ الخالقِ، ولذلكَ جاءَ الحثُّ على الاستغفارِ في كلِّ حينٍ .. حينَ يعملُ المرءُ المعصيةَ يستغفرُ ربَّه منْ فِعْلها وآثارِها .. وحينَ يعملُ الطاعةَ يستغفرُه عنْ أيِّ خطإٍ أو خللٍ وقعَ فيها.

وللاستغفارِ أثرٌ في تفريجِ الهمومِ وتوسيعِ الضوائقِ وسَعةِ الرزقِ، وفي الحديثِ: ((مَنْ لزمَ الاستغفارَ جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ ضيقٍ مَخرجًا، ومنْ كلِّ همٍّ فرجًا، ورزقَه منْ حيثُ لا يَحتسبُ)) (٢).

يا عبدَ اللهِ: أفلا يليقُ بكَ ملازمةُ الاستغفارِ في كلِّ حينٍ، وهذا رسولُ الهُدى صلى الله عليه وسلم - وقدْ غَفَرَ اللهُ لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه وما تأخَّرَ - يقولُ: ((إنه لَيُغانُ على قلبي حتى أستغفرَ اللهَ في اليومِ مئة مرةٍ) وفي روايةٍ: ((توبوا إلى ربِّكمْ، فواللهِ إني لأتوبُ إلى ربي تباركَ وتعالى مئةَ مرةٍ في اليومِ)) (٣).

وقوله: ((يُغانُ على قلبي)) أي: يُغطَّى ويُغشى، والمرادُ به السهوُ؛ لأنه كانَ صلى الله عليه وسلم لا يزالُ في مزيدٍ منَ الذِّكرِ والقُربةِ ودوامِ المراقبةِ، فإذا سها عنْ شيءٍ منها في بعضِ الأوقاتِ أو نسيَ عدَّه ذَنْبًا على نفسِهِ ففزعَ إلى الاستغفارِ (٤).

وأينَ أنتَ منْ سيّدِ الاستغفارِ وما جاء فيهِ منَ الفضلِ؟ والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ:


(١) سورة البقرة، الآيتان: ١٩٨، ١٩٩.
(٢) أخرجه أبو داود وأحمد (٢٢٣٤)، وصحح إسناده أحمد شاكر ((جامع الأصول)) ٤/ ٣٨٩ هامش رقم ١.
(٣) رواه مسلم وغيره، ((جامع الأصول)) ٤/ ٣٨٦.
(٤) السابق ٤/ ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>