ويسارعونَ في موالاةِ الكافرينَ وشعارُهم {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ}[المائدة: ٥٢] يُحبُّون أن تشيعَ الفاحشةُ في الذينَ آمنوا .. ورؤوسُهم يمارسونَ إكراهَ فتياتِهم على البغاءِ؟ فتاريخُهم حافلٌ بإفسادِ المرأةِ وشرُّهم سابقٌ في إشعال الفتنةِ.
إنهمْ عيونُ الأعداءِ على المسلمينَ -كما وصفَهم الطبريُّ في جامع البيان (٣٠/ ٧٠) وابنُ الجوزيِّ في زادِ المسيرِ (٨/ ٢٨٦) والواقعُ يثبتُ يومًا بعد يومٍ أنَّ نكبةَ الأمةِ بالمنافقينَ تسبقُ كلَّ النكباتِ فالكافرُ الظاهرُ -على خطرِه وضررِه- يعجزُ في كلِّ مرةٍ تواجهُ فيها أمةُ الإسلامِ أنْ ينفردَ بإحرازِ نصرٍ شاملٍ عليها ما لمْ يكنْ مَسْنُودًا بجيشِ المنافقينَ يُخلصُ لهم في النصحِ، ويفتح لهمُ الأبوابَ، ويُذلّلُ أمامَهم العقباتِ .. وقاتلَ اللهُ المنافقينَ كمْ جنَوْا على بلادَهم وأبناءِ جلدتِهم منَ الويلاتِ والنكباتِ، ومن يُهنِ اللهُ فما له منْ مُكرِمٍ، وقاتلَ اللهُ المنافقينَ أنى يؤفكونَ.
معاشرَ المسلمينَ: إنَّ الحديثَ عن المنافقينَ يطولُ، كيفَ لا وآياتُ القرآنِ صرّحتْ بذكرِ النفاقِ والمنافقينَ في نحوِ سبعٍ وثلاثينَ آيةً، وفصلَتْ وفرعَتْ في الكلامِ عنهمْ أضعافَ ذلكَ منَ الآياتِ موزعةً على إحدى عشرةَ سورةً (١).
أما الحديثُ عنْ (منْ في قلوبِهم مرضٌ) فكثيرٌ أيضًا .. وهؤلاءِ مرضَى القلوب فئةٌ منهُمْ منَ المنافقينَ، وفئةٌ أخرى رديفةٌ لهمْ، ومخزونٌ احتياطيٌّ لهمْ .. ومنْ هنا وجبَ الحذرُ منْ مرضِ القلبِ -بالشهوةِ أو الشهيةِ- ومعالجةُ ذلك عاجلًا بالصدقِ والإيمانِ والمجاهَدِة .. ذلكُم أنَّ المتأملَ في حديثِ القرآنِ عنْ مرضَى القلوبِ يمكنُ أن يستنتجَ أنَّ هؤلاءِ لديهمُ الاستعدادُ لأنْ يكونوا
(١) بل قيل إن الحديث عنهم استغرق ما يقرب من ثلاثمائة وأربعين آية (د. عبد الحليم العبد اللطيف: حديث الإفك) وقال ابن القيم رحمه الله: كاد القرآن أن يكون كله بشأن المنافقين (المدارج ١/ ٣٨٨) ص ٤٠ - ٤١.