للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منافقينَ معلومي النفاقِ بما لديهمْ من شهوةٍ أو شُبهةٍ، فهمْ قومٌ ضعيفوا الإيمانِ إلى أدنى حدٍّ، حتى أنَّ أحوالَهم تكادُ تنقلبُ إلى معسكرِ النفاقِ الصريحِ لفرطِ قنوطِهم وفتورِهم وقلِة يقينِهم ولشدّةِ تعلُّقِهم بالدنيا ومطامعِها.

ويُقالُ: إنَّ مرضَى القلوبِ يمارسونَ تطرفًا صارخًا باتجاهَيْنِ، فهمْ يتطرفونَ في بُغضِ أهلِ الدينِ وإساءةِ الظنِّ بهمْ، ويتطرفونَ في الدفاعِ عنِ الكفارِ وحسنِ الظنِّ بهمْ -وهذا جوهرُ مرضَى القلوبِ (١).

ألا ففتِّشوا عن أنفسِكم ومدَى ولائكمْ ومحبتِكم للمؤمنينَ -وإنْ كانوا ضعفاءَ مقهورينَ -وبغضِكم وبراءتِكم منَ الكافرينَ، وإنْ كانوا ظاهرينَ متسلطينَ وخلّصوا أنفسَكم من قلوبِكم منَ النفاقِ وسماتِ المنافقينَ.

عبادَ اللهِ: ومنْ واقعِ السيرةِ النبويةِ .. ومواقفِ المنافقينَ في عهدِ النبوّةِ يستطيعُ القارئُ الفطِنُ أَنْ يرصدَ تعاونَ المنافقينَ مع أكثرِ منْ طرفٍ، فهمْ معَ المشركينَ على المسلمينَ، وهمْ حلفاءُ بلْ إخوانٌ لليهودِ - بنصِّ القرآن- وهمْ متحالفونَ معَ الأحزابِ وهمْ عونٌ للنصارَى في حربِهم ضدَّ المسلمينَ وإليكُمُ البيانَ:

ففي غزوة أحُدٍ -حينَ جاءَتْ قريشٌ بكبريائها تريدُ الثأرَ لقَتلاها في بدرٍ، قامَ المنافقونَ وفي أحلَكِ الظروفِ بخذلانِ المؤمنينَ، وانسحبَ زعيمُهم عبدُ الله بنُ أبيٍّ بثلثِ الجيشِ ودخلَ المدينةَ بأتباعِهِ تاركًا المسلمينَ وحدَهم في ساحاتِ الجهادِ يُواجهونَ عدوًا يفوقُهم في العدَدِ والعُدةِ الحربيةِ، وهذا الانسحابُ المخزي أوشكَ أنْ يوقعَ الفشلَ في طوائفَ منَ المؤمنينَ؛ قال اللهُ عنهمْ: {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٢) وأحدث


(١) عبد العزيز كامل، جهاد المنافقين، البيان شهر ١١/ ١٤٢٢ هـ.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>