إنهُمْ بحُكْمِ القرآنِ إخوانٌ لليهودِ، وهمْ جاهزونَ للخروجِ معَهم لو أُخرِجوا ومستعدّونَ للقتالِ معهُمْ -ولوْ باللسانِ- إنْ قوتِلوا؟ فهلْ بعدَ هذا منْ نصرةٍ وتقاربٍ بينَ المنافقينَ واليهودِ، ومن رامَ تفصيلَ ذلكَ فليقرأ في تفسيرِ الآيةِ، وليقفْ عندَ حوادثِ السيرةِ النبويةِ.
والمنافقونَ كذلكَ مصانعونَ للنصارَى وفي غزوةِ العُسرةِ ظهرَ تخذيلُهم للمسلمين وتعظيمُهم للنصارَى، فقدْ قالَ أحدُهم: «يغزو محمدٌ بني الأصفرِ (أي الرومَ) واللهِ لكأني أنظرُ إلى أصحابِه مُقرّنينَ في الحبالِ».
وما سلمَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم منْ شرهمْ في هذه الغزوةِ، مَنْ قعدَ منهم عنِ الخروجِ ومَنْ خرجَ فلم يزد إلا خبالًا وفتنةً .. أجلْ، لقدْ أرجفَ نفرٌ منهُمْ بالمؤمنينَ عنِ الخروجِ وقالوا:{لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} وقالوا: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} ولمَزَوا المؤمنينَ المطّوِّعين في الصدقاتِ فمن أنفقَ بسخاءٍ قالوا: أنفقَ رياءً، ومن أنفقَ القليلَ الذي يجدُ قالوا: إنَّ الله غنيٌ عنْ صدقة هذا؟ ومَنْ خلّفَهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم في المدينةِ لغرضٍ كعليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ قالوا: إنما خلَّفَهُ استثقالًا لَهُ؟ وهكذا لمْ يسلَمِ المسلمونَ منْ شرِّهم في مجابهةِ النصارَى، فالذين خرجوا نفاقًا استهزؤوا بالصحابة، وكفَّرهم اللهُ وإن اعتَذَروا، بلْ وصلَ الأمرُ بهم أنْ خطَّطوا