للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتجدَّدُ .. وكلُّهم تعرفُهم في لَحْنِ القولِ (١)، وجميعُهم يزعمُ الإصلاحَ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (٢).

والقواسمُ المشتركةُ بينَ المنافقينَ قديمًا وحديثًا هي: بُغضُ المؤمنينَ والسخريةُ بالمتديِّنينَ، وموالاةُ الكفارِ والمسارعةُ فيهم، لا يَثبتونَ على مبدأٍ، ولا يستمرُّونَ في الصداقةِ لأحدٍ، بلْ يتقلَّبونَ ويتلوَّنونَ كالحرباءِ، وأينما هبَّتِ الريحُ لمصلحتهمْ هبُّوا مَعَها، فلديهمُ استعدادٌ للتعاونِ مَعَ شياطينِ الإنسِ والجنِّ لتحقيقِ أغراضِهم، ولديهمَ استعدادٌ للتضحيةِ بأقربِ الناسِ إليهمْ إذا خالفوهمْ في توجُّهِهم!

والمرأةُ وَتَرٌ طالما ضربوا عليه، ورغبوا في إشاعةِ الفاحشةِ منْ خلالْها، وفي قولِه تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (٣)، وقولِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} (٤) نموذجانِ بلْ وجهانِ قبيحانِ للمنافقينَ مَعَ المرأةِ.

وموتُ الصالحينَ يسرُّهم، وإذا مات المجرمونَ والفسقةُ نعَوْهمْ وأسِفُوا لموتِهمْ! وهلْ تعلمونَ أنَّ المنافقينَ همُ العنصرُ الشاذُّ الذي فرحَ بموتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قالَ ابنُ عمرَ: وكانَ المنافقونَ قدِ استبشَروا بموتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (٥).


(١) واللاحق منهم أسوأ من السابق، حتى قال حذيفة رضي الله عنه -خبير المنافقين-: المنافقون الذين فيكم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: وكيف ذلك؟ فقال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم وإن هؤلاء يعلنون! (الفريابي: صفة المنافق/ ٥٣).
وإذا قال حذيفة هذا عن المنافقين في عصر الصحابة والتابعين وفي ظروف انحطاط المسلمين، فماذا عساه يقول لو أبصر المنافقين في العصور المتأخرة؟
(٢) سورة البقرة، الآية: ١١.
(٣) سورة النور، الآية: ٣٣.
(٤) سورة النور، الآية: ١١.
(٥) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (المغازي) ص ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>