٧ - درسٌ من التاريخِ يُعلِّمنا عدمَ الركونِ للأعداءِ والثقةِ إليهم ومحالفتِهم، ففي هذه الحملةِ على القسطنطينيةِ، حاصرَ المسلمون في طريقِهم- عمُّوريةَ، فكتب حاكمُها النصرانيُّ (أَليون) إلى مَسْلمةَ بنِ عبد الملك يُخبِرُه بما تحتَ يدِه، ويطلبُ منه الإذنَ بمقابلتِه، ويعَرِضُ عليه النصحَ والنصرةَ لفتحِ القسطنطينية، فلما قرأ مَسلمةُ الكتابَ، استشار أمراءَه وأهلَ مشورتِه، فأشاروا عليه جميعًا بالموافقةِ على المقابلةِ والعرضِ إلا رجلًا واحدًا هو مَسْلمةُ بن حَبيبٍ الفِهْري الذي رفضَ ذلك بحُجَّةِ أن الرومَ أهلُ مكرٍ وخداع، وهذه إحدى مكرِهم فلا تُعطِهِ إلا السيفَ (١).
ولكنَّ المجتمعين خالفوه الرأيَ، بل ضَحِكوا من رأيِه، وقالوا: كبِرَ الشيخُ، وهوَّنوا من شأنِ (أليون)، فأذِنَ لصاحبِ عمُّوريةَ وجاء إلى مَسلمةَ ومعه اثنا عشرَ ألفًا من قوَّادِه، فاتفقا على أن يدلَّ أليونُ المسلمين على فتحِ القسطنطينية في مقابلِ تمليكِه على الروم، وابتدأ تنفيذُ الاتفاقِ بفكِّ الحصارِ عن (عمورية)، وصاحَبَ (أليون) المسلمين حتى وصلوا إلى القسطنطينيةِ، وظلَّ يتحيَّنُ أدنى فرصةٍ للغَدْرِ بالمسلمين، ولسببً أو لآخر تختلفُ الروايات في تحديده، دخلَ (أليون) إلى القسطنطينيةِ واتفق مع أهلِها أن يُملِّكوه عليهم مقابلَ تصدِّيه لمسلمةَ وجيشِ المسلمين والغدرِ بهم، وهنا أَحسَّ مسلمةُ والمسلمون معه بغَدْر النصارى ومكرِهم وظهرَ لمسلمةَ ومن شاركه الرأيَ خطؤُهم، واشتدَّ أسَفُهم وغَلبتْهم الكآبةُ وأصابهم نتيجةَ هذا الغدرِ -همٌ عظيمٌ .. ولكن هيهاتَ بعدَ فواتِ الأوان، وحين بعثَ مسلمةُ بعضَ رجالاته لمناقشةِ (أليون) في غدرهِ وتذكيره بما عاهدَ المسلمين عليه، أجابهم (أليون) بكلِّ صراحة قائلًا: لئن ظنَّ مسلمة أني أبيعُ