للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه الصلاة والسلام واصفًا سرعةَ هلاكِ الناس حين تقومُ الساعةُ: «ولَتقُومَنَّ الساعةُ وقد نَشَرَ الرجلانٍ ثوبَهما بينَهما فلا يَتبايَعانِه ولا يَطْوِيانِه، ولَتقومَنَّ الساعةُ وقد انصرفَ الرجلُ بلبنِ لِقْحتِه فلا يَطعَمُه، ولتقومَنَّ الساعةُ وهو يُلِيطُ حوضَه فلا يسقي فيه، ولتقومنَّ الساعةُ وقد رفَعَ أُكلتَه إلى فيهِ فلا يَطعَمُها» رواه البخاريُّ في كتاب الفتنِ والرِّقاق.

أيها المسلمون: والساعةُ أَدْهى وأمرُّ، والمَشاهِدُ فيها تشِيبُ لها مفارقُ الوِلْدان، وتضعُ الحواملُ حملَها، وترى الناسَ سُكارَى وما هم بسُكارَى ولكنَّ عذابَ اللهِ شديدٌ.

إي وربِّي، وفي لحظةٍ من الزمن ينفرطُ عِقدُ الكون، ويَحِيقُ الدمارُ الشاملُ، وينتهي أمدُ الحياة، وتتغيرُ المَعالِمُ، فالأرضُ تُزلزَلُ وتُدَكّ، والجبال تُسيَّر وتُنسَفُ، والبحارُ تُفجَّرُ وتُسجَّرُ، والسماءُ تتشقَّقُ وتَمُور، والشمسُ تُكَوَّرُ وتذهبُ والقمرُ يُخسَفُ، والنجومُ تنكدِرُ ويذهبُ ضَوؤُها (١).

وفي لحظةٍ أخرى تُبدَّل الأرضُ غيرَ الأرضِ، ويُساقُ الناسُ إلى أرضِ المحشَرِ، روى البخاريُ ومسلمٌ عن سَهْل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «يُحشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ على أرضٍ بيضاءَ عَفْراءَ كقُرْصةِ النَّقِيَّ» قال سهلٌ أو غيرُه: ليس فيها مَعْلَمٌ لأحدٍ (٢).

وفي تفسيرِ قولِه تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} (٣). قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: تُبدَّلُ الأرضُ أرضًا كأنها الفِضَّةُ، لم يُسفَكْ عليها دمٌ


(١) عمر الأشقر: القيامة الكبرى/ ١٠٠.
(٢) البخاري: كتاب الرقاق، مسلم: كتاب صفات المنافقين، واللفظ للبخاري.
(٣) سورة إبراهيم، الآية: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>