للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرص، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلامبالاة بما جرى على الدين؟ وخيارهم المتحصن المتلمظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضةٌ عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتبَ الإنكارِ الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء- كما يقول الشيخ رحمه الله- مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل (١).

أيها المسلمون في ترك أمر الله وعدم التمعر لشيوع الفساد والمنكر وقد ذكر الإمام أحمد وغيرة أثرًا أن الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة أن اخسف بقرية كذا وكذا، فقال: يا رب كيف وفيهم فلان العابد، فقال: به فابدأ، فإنه لم يتمعر وجهه في يومًا قط.

وذكر صاحب التمهيد أن الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه أن قل لفلان الزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجّلت به الراحة. وأما انقطاعك إلى فقد اكتسبت به العز، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟ فقال: يا رب وأي شيء لك عليَّ؟ قال هل واليت في وليًا أو عاديت في عدوًا؟ (٢).

هكذا إخوة الإسلام فهم السلف رحمهم الله حقيقة العبودية لله، وكذلك جاءت النصوص الشرعية والوصايا النبوية تؤكد أمر القيام لله بحقه عبودية عامة يشترك الناس فيها وعبوديات خاصة كل بحسبه تضمن قيام أمر الله، تُرسى


(١) أعلام الموقعين.
(٢) أعلام الموقعين- تعليق طه عمد الرؤوف ٢/ ١٧٦، ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>