للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَطيعةِ، وما زادَ عنِ الحدِّ انقلبَ إلى الضِّدِّ، وفي الحديث: «أَحْبِبْ حبيبَكَ هَوْنًا ما، عَسَى أنْ يكونَ بغيضَك يومًا ما، وابغِضْ بغيضَك هَوْنًا ما، عسى أَنْ يكون حبيبَك يومًا ما» (١).

إلى غيرِ ذلكَ منْ مفسداتٍ للأخوةِ قدْ تعرفُها أيها الأخ، وتجدُها على صعيدِ الواقع .. والمقصودُ اجتنابُ كلِّ خُلُقٍ وعملٍ يؤدي إلى فسادِ ذات البَيْن بينَ الأخَوَيْن .. ذلكَ أنَّ قطيعةَ الأخوَيْنِ المسلمَيْن عظيمةٌ عندَ اللهِ وعندَ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، ويكفي تحذيرًا لذلكَ قولَهُ صلى الله عليه وسلم: «تُعرَضُ أعْمالُ الناسِ في كلِّ جمعةٍ مرتين؛ يومَ الاثنينِ ويومَ الخميس، فيُغفرُ لكلِّ عبدٍ مؤمنٍ إلا عَبْدًا بينَهُ وبينَ أخيهِ شَحْناءُ، فيُقال: اترُكوا هذينِ حتى يَفِيئا» (٢).

وإياكَ- أخي المسلم- أنْ يغرَّكَ الشيطانُ فيقولَ لك: صاحبكَ هوَ المخطِئُّ وهوَ الذي يتحملُ الإثمَ وحدَه الإثمَ وحدَه- فإنَّ صاحبَكَ يقولُ في نفسهِ كما تقولُ أنتَ- والرسولُ صلى الله عليه وسلم حَكمٌ بينكما، وقدْ قال: «وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام» فهلْ تكونُ الخيِّرُ أنتَ؟

إخوةَ الإسلام: إنَّ الأخوةَ الصادقة تحتاجُ- بشكلٍ عامٍ- إلى رحابةِ صَدْرِ وسعةِ عَطْفٍ، وبذلِ مالٍ وجاهٍ ووقتٍ، كما تحتاجُ قبلَ ذلكَ وبعدهُ إلى احتساب الأجر عندَ الله .. وحينَ يعي المسلمونَ حقوقَ الأخوةِ ويتمَثَّلوها في واقعهمْ تنقلبُ مجتمعاتُهمْ إلى ميادينَ للحبِّ والوفاء، يُعانُ الضعيفُ ويُنصرُ المظلومُ، وتُكَفكَفُ دموعُ اليتامى، ويُزار المرضى، ويُتَرحَّمُ على الموتى، ويُواسَى المخزون.


(١) رواه الترمذيُّ وهو في «صحيح الجامع» ١٧٨.
(٢) رواه مسلمٌ عن أبي هريرة انظر: صحيح الجامع ٣/ ٢٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>