الناسِ مَنْ يقضي ليلَهُ كلَّه متنقلًا بين الحدائق، أو متسكِّعًا في الشوارعِ أو عابثًا في السيارةِ على الخطوطِ الدائريةِ والطرقِ السريعة!
إنَّ استدامةَ السهرِ ليلًا ضارٌّ بالصحةِ كما يعرفُ الأطباءُ، وقبلَ ذلكَ مقررٌ في شرعِ اللهِ أنَّ الليلَ سَكَنٌ، بلْ منْ رحمةِ اللهِ أنْ جعلَ لكمُ الليلَ لتسكنوا فيه، والنهارَ معاشًا، لتبتغوا مِنْ فضله، فهلْ تُعكسُ الصورة؟ ومهما طالَ نومُ النهارِ فلا يُعَوِّضُ عنْ نومِ الليل، وكمْ يفوّتُ النائمُ نهارًا على نفسِهِ من المصالح .. وكمْ يخسرُ المجتمعُ من طاقةٍ كان لها أن تعملَ وتنتِجَ في سحابةِ النهار .. أمّا إنْ فوَّت النائمُ نهارًا شيئًا من الصلواتِ المفروضةِ فتلك خسارةُ الدينِ والدنيا ..
أما السهرُ ليلًا فهوَ كذلكَ سببٌ لكثيرٍ مِنَ الحوادثِ والبلايا، إذْ إنَّ نفرًا مِنْ ضِعافِ النفوسِ ربما استغلوا سوادَ الليل وغفلة الناسِ فأفسدوا وجَنَوْا على أنفسهم وعلى مجتمعهم .. وسلُوا رجالَ الأمنِ والهيئاتِ عن نِسَب الجرائمِ ليلًا .. أما إنْ كان السهرُ سببًا في تركِ صلاةِ الفجرِ فالطامّةُ كبرى وأولئك أقوامٌ بالَ الشيطانُ في أفواهِهم وآذانهم.
عبادَ الله: ظاهرةُ السهر- دون فائدة- مسئوليتُنا جميعًا، وتحتاجُ إلى تعاونٍ يقضي، أو على الأقلِّ يُخففُ من آثارِ هذهِ الظاهرةِ، فالجهاتُ الرسميةُ يمكنُ أن تنظمَ أوقاتَ فتحِ المحلاتِ في ساعةٍ معينةٍ مِنَ الليل، وإذا كانَ هذا معمولًا به في بلادِ لا تقيمُ للشرعِ وزْنًا، فهو أحرى وأولى بأهلِ الشريعةِ ومن يَرعون الأمنَ، ويوفِّرون العيشَ الهنيَّ، والأولياءُ لا بدَّ أنْ يُسهِموا- بحكم ولايَتهِم على بيوتهم بالقضاءِ على هذهِ العادةِ السيئة، والمربُّون والمعلمونَ لا بدَّ أنْ يتحدثوا عن مخاطرِ السهرِ، ووسائلُ الإعلامِ لا بدَّ أنْ تُعني في برامجِها وزواياها ومقابلاتها بدراسةِ هذه الظاهرةِ وعلاجِها.
والشبابُ والفتياتُ لا بد أنْ يَسألوا أنفسَهم عن حصادِ السهرِ، ماذا حققَّ