للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما في وصفِهم: كان أطولُهم مئةَ ذراع، وأقصرُهم ستين ذراعًا، وهذه الزيارةُ كانت على خلقِ آبائهم.

وقالَ وهْب: كانَ رأسُ أحدِهم مثلَ قبةٍ عظيمة، وكانَت عينُ الرجلِ يُفرِّخُ فيها السباع، وكذلك مناخرُهم.

وروى شهرُ بنُ حوشبٍ، عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه قال: إنْ كانَ الرجلُ من قومِ عادٍ يتخذُ المِصْراعيْن من حجارة، لو اجتمعَ عليها خمسُ مئة رجلٍ من هذه الأمةِ لم يُطيقوه، وإنْ كان أحدُهم ليغمزُ برجلِهِ الأرضَ فتدخلُ فيها (١).

وهنا يرِد السؤالُ: أينَ هذه القوةُ؟ وماذا بقيَ من أخبارِها؟ لقد بادَتْ وانتهتْ من الوجودِ وبقيَ خبرُها عبرةً للمعتبرين ودروسًا للمكذِّبين والمتطاولين: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (١٩) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (٢).

أيها المؤمنون: وحركةُ التاريخِ وبأسُ اللهِ لمْ يتوقفا عندَ قومِ عاد، فثمةَ (ثمود) الذينَ جابوا الصخرَ بالواد، وبوَّأهم اللهُ في الأرضِ يتخذونَ من سهولِها قصورًا وينحتونَ من الجبالِ بيوتًا، آتاهمْ الناقةَ آيةً مبصرةً على صدقِ صالحٍ عليه السلامُ فظلموا بها، وانبعثَ أشقاهمْ فعقرَ الناقة، وعتوْا عنْ أمرِ ربهم، {وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٣).

فكانتْ نهايتُهم: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (٤) وفي آية


(١) تفسير القرطبي ٧/ ٢٣٦، ٢٣٧.
(٢) سورة القمر، الآيات: ١٨ - ٢١.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٧٧.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>