للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبَ لهم إذا خالفَ توجُّهَهم، ولا حرمةَ ولا رحمةَ لحبيبٍ أو صديقٍ إذا لمْ يستجبْ لكلِّ مطالبهم.

ألا ترونَ فرعونَ شملَ بالعذابِ زوجتَه وأقربَ الناسِ إليه، ولمْ تسلمْ منَ الأذى كذلكَ ماشطةُ ابنتهِ حينَ انضمَّتا إلى قافلةِ المؤمنين، وإنْ كانوا قلةً ومطاردين. وتوجهتْ امرأةُ فرعونَ إلى اللهِ بالدعاءِ متحديةً فرعون وأوتادَه {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (١). ونجتْ المرأةُ المؤمنةُ الصابرةُ وخلّدَ القرآنُ ذكرَها مثالًا للإيمانِ ونموذجًا للمؤمنين.

أيها المسلمون: وبعدَ مسلسلِ الظلمِ والجبروتِ الذي مارسَهُ فرعونُ وجندُه، تحققتْ فيهم سُنةُ اللهِ في هلاكِ الظالمين {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} (٢) {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} (٣). {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ، فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (٤).

وبقِيَتِ الآيةُ، لكنْ لمن؟ لمنْ يعقلونَ ويتفكرون، قال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} (٥).

عبادَ الله: أما قارونُ ببغيهِ وجحودهِ فجاءَ في معرضِ الحديثِ عن قصتِهِ قولُه تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً


(١) سورة التحريم، الآية: ١١.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٣٦.
(٣) سورة القمر، الآية: ٤٢.
(٤) سورة القصص، الآيتان: ٣٩ - ٤٠.
(٥) سورة يونس، الآية: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>