للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان القوم جادين في حياتهم مستثمرين لأوقاتهم كذلك في بيوتهم، فهذا نافع رحمه الله يسأل: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما (١).

عباد الله يا من ترومون نهج السلف، وتريدون الاقتداء باستثمار الأوقات بما ينفع، فقد كان للعلم والتعليم بكل عام نصيبه وافر من أوقات العارفين، ومع ما كانوا فيه من عبادة خاصة فقد كانوا يؤثرون الناس على أنفسهم، ويجلسون لتعليمهم إذا احتاجوا إليهم ويعتبرون ذلك ضربًا من العبادة يتقربون بها إلى خالقهم كما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه (٢).

وحين يرد الاختلاف بينهم فيما يقرؤون من أجل التعليم ينتهي في وقته، لأن الحق رائدهم، وهذا أبي بن كعب رضي الله عنه كان يقرأ قوله تعالى {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} (٣) ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فأغلظ له، فقال يا عمر: إنك لتعلم أني كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمني مما علمه الله، والله لئن أصبت لألزمن بيتي فلا أحدث شيئًا ولا أقرئ أحدًا حتى أموت! فقال عمر: اللهم غفرًا، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علمًا فعلم الناس ما علمت».

وفي رواية: «بل أنت رجل عندك علم وقرآن فاقرأ وعلم مما علمك الله ورسوله» (٤).


(١) أخرجه ابن سعد ٤/ ٧٠ بسند رجاله ثقات، السير ٣/ ٢١٥.
(٢) السير ١/ ٣٩٩ مع ضعف إسناده.
(٣) الفتح/ ٢٦.
(٤) تفسير ابن كثير ٧/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>