للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في استثمار الوقت فيها فالصلاة - مثلاً- لا يشغلهم عنها شاغل ولا يصرفهم عنها صارف حتى ولو كانوا في ساحات الوغى، ولا تسأل عن حسن صلاتهم وطول قراءتهم وقيامهم وركوعهم وسجودهم وخشوعهم، حتى أطلق على بعضهم السّجاد (محمد بن طلحة بن عبيد الله) لعبادته وتألهه (١) وبلغ الحرص بهم في المحافظة عليها جماعة المسلمين أن أحدهم إذا فاتته العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته- كما ثبتت عن ابن عمرو رضي الله عنهما (٢).

وفي الصيام لهم أخبار وأحوال تراها النفوس الضعيفة ضربًا من الخيال، ففي ترجمة (أبي طلحة الأنصاري) رضي الله عنه أنه كان يسرد الصوم، وأنه كان لا يفطر إلا في سفر أو مرض (٣).

إخوة الإيمان مما يستثمر الصحابة رضوان الله عليهم به أوقاتهم تلاوة كتاب الله، تعلمًا وتعليمًا وعملاً، فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يسأل عنه علي رضي الله عنه فيقول قرأ القرآن ثم وقف عنده وكفى به (٤) وفي رواية أخرى: وعلم السنة وهو القائل: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن (٥). وكانوا يعقدون لتعليم القرآن الحلق، وتمتلئ المساجد بالمتعلمين ولا تكاد تخلو من القائمين به في ساعات الليل والنهار، وأنعم بكتاب الله رفيقًا، وأكرم ببيوت الله موئلاً.


(١) السير ٤/ ٣٦٨.
(٢) السير ٣/ ٢١٥.
(٣) السير ٢/ ٢٩، ٣٠، ٣٣.
(٤) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ٣١٨.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره بسند حسن (السير ١/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>