للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكلِّ حال، فابن عمرَ بشهادةِ المَلَكِ رجلٌ صالح، وكذلك عبَّرَها الرسولُ صلى الله عليه وسلم وشهدَ له بالصلاح، وقدْ استفادَ الغلامُ من التذكيرِ بقيمةِ الصلاةِ، ولا سيما صلاةُ الليلِ (١). فكانَ بعدَ ذلكَ يكثرُ منها، قالَ الزُّهْريُّ: وكانَ عبدُ الله بعدَ ذلكَ يُكثرُ الصلاة من الليل (٢).

لكنْ ومعَ ذلكَ فالرؤيا لا يُرتَّبُ عليها أحكامٌ شرعيةٌ ما لمْ تكنْ من الأنبياء، إلا أن تُعرضَ على ما في أيدينا من الأحكامِ الشرعية، فإنْ سوَّغَتْها عُمِلَ بمقتضاها، وإلا وجبَ تركُها والإعراضُ عنها (٣).

١٠ - منْ كَذَبَ في حُلْمه ..

أيها المسلمون: وإذا كانَ الكذبُ مذمومًا في حالِ اليقظةِ، فهوَ كذلكَ- أو أشدُّ- في حالِ المنام، وفي «البخاري» من حديثِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تَحَلَّمَ- أي تكلَّفَ الحُلْمَ- بِحُلْمٍ لم يرهُ كُلِّفَ أن يعقدَ بين شَعِيرتيْن، ولنْ يفعلَ .. » (٤).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أفرى الفِرَى أن يُري الرجل عينيه ما لم ترى» (٥).

قال الإمامُ الطبريُّ: إنما اشتدَ الوعيدُ (في الكذبِ في الحُلْم) مع أنَّ الكذبَ في اليقظةِ قد يكونُ أشدَّ مفسدةً منه؛ إذ قدْ تكونُ شهادةً في قتلٍ أو حدٍّ أو أخذِ مال قال: لأنَّ الكذبَ في المنامِ كذبٌ على الله، لحديث: «الرؤيا جزءٌ من


(١) الفتح ١٢/ ٤١٩.
(٢) البخاري ح ٧٠٣١.
(٣) الاعتصام للشاطبي ١/ ٢٦٠، الآداب الشرعية لابن مفلح ٤/ ٩٥.
(٤) البخاري ح ٧٠٤٢.
(٥) البخاري ح ٧٠٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>