للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه -معاشرَ المسلمين- نماذجُ للحيلِ والخداعِ في البيوعِ حذَّرَ منها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ووضعَ الاحتياطَ لها .. فهلْ يتقي اللهَ الباعةُ والمشترون فيما يبتاعون ويشترون، فيصدُقون مع اللهِ ومع خلقِه ليباركَ اللهُ لهمْ في بيعِهم وشرائِهم، فالرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «فإنْ صدَقا وبيَّنا وبورِك لُهما في بَيْعِهما، وإن كذَبا وكتَما مُحِقَتْ بركةُ بَيْعهما».

إنَّ الخداعَ في البيعِ والشراءِ ليس من النَّجابة والذَّكاءِ .. لكنه ضعفٌ في الدِّيانة، ولؤمٌ في المعاملة، وخِداعٌ للهِ ولخَلْقِه، فهل ينتهي المخادعونَ وأصحابُ الحيلِ المحرَّمةِ؟

أيها المسلمون: ومنْ حِيَل البيعِ والشراءِ، إلى حِيَل النكاحِ، كأنْ يُغرَّرَ بالمرأةِ عن الرجل بخلافِ واقعِه، أو يغرَّرَ بالرجلِ عن المرأةِ بخلافِ حالِها .. أو نحوِ ذلك.

وفي «البخاري»: (بابُ الحيلةِ في النكاحِ)، ثمَّ ساقَ به النهيَ عن الشِّغَارِ، فعنْ عبدِ الله بنِ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عنْ الشغار.

قلتُ لنافع: ما الشِّغارُ؟ قال: يَنكِحُ ابنةَ الرَّجُلِ، ويُنكِحُهُ ابْنَتَه بغيرِ صَدَاقٍ، وَينكِحُ أختَ الرجلِ، ويُنكِحَهُ أختَه بغيرِ صَدَاقٍ .. » (١).

ومما ذكرهُ العلماءُ منْ عللِ النهيِ لهذا النوعِ منَ النكاحِ (الشِّغار): أنهُ جعلَ بَضْعَ كلِّ واحدةٍ مهرًا للأخرى، وهي لا تنتفعُ به، فلمْ يرجعْ إليها المهرُ، بل عادَ المهرُ إلى الوليِّ، وهو مِلْكُه لبَضْعِ زوجتِه بتمليكِه لبَضْعِ موليتهِ، وهذا ظلمٌ للمرأتينِ، حيثُ لم تنتفِعا بمهرِهما (٢).


(١) ح ٦٩٦٠.
(٢) فقه السنة. سيد سابق ٢/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>