للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ ساقَ الحديثَ عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُمنعُ فَضْلُ الماءِ ليَمْنعَ بِه فَضْلَ الكلأ» (١).

وعنْ معنى هذه الحيلةِ قالَ العلماء: المرادُ بالحديث: رجلٌ كانَ له بئرٌ وحولَه كلأٌ مباحٌ، فأراد الاختصاصَ به، فيمنعُ فضلَ ماءِ بئرِه أن تَرِدَه نَعَمُ غيرهِ للشُّرب، وهو لا حاجةَ به إلى الماءِ الذي يمنعُه، وإنما حاجتُه إلى الكلأ، وهو لا يقدرُ على منعهِ لكونهِ غيرَ مملوكٍ له، فيمنعُ الماءَ فيتوفرُ له الكلأ، لأن النَّعمَ لا تستغني عن الماء، بلْ إذا رعتِ الكلأَ عطشتْ، ويكونُ ماءُ غيرِ البئرِ بعيدًا عنها فيرغبُ صاحبُها عن ذلك الكلأ فيتوفرُ لصاحبِ البئرِ بهذه الحيلة (٢).

وتمامُ هذا التحيلِ في البيع- أن صاحبَ هذه البئرِ حينَ يمنعُ الرعاةَ منْ فضلِ ماءِ ليحتاجَ من احتاجَ إلى الكلأ أنْ يشتريَ منه ماءَ بئروهِ ليسقيَ ماشيته (٣).

وفي بابٍ آخرَ- عند البخاري- قال: بابُ ما يُنهي من الخِداعِ في البيوع، وقالَ أيوب: يخادعونَ اللهَ كأنما يُخادعونَ آدميًا، ولو أَتَوْا الأمرَ عِيانًا كانَ أهونَ عليّ.

ثمَّ ساقَ الحديثَ عنْ ابن عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رجلًا ذكرَ للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخدعُ في البيوعِ، فقال: «إذا باعيتَ فقلْ: لا خِلَابةَ» (٤).

ومعنى قولِه صلى الله عليه وسلم: «لا خِلَابةَ» أي: لا تخدعوني، فإنَّ ذلك لا يحلُّ، أي إنْ ظهرَ في العقدِ خِداعٌ فهو غيرُ صحيح (٥).


(١) ح ٦٩٦٢.
(٢) الفتح ١٢/ ٣٣٥.
(٣) الفتح ١٢/ ٣٣٥.
(٤) ح ٦٩٦٤.
(٥) الفتح ١٢/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>