للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبادَ الله: والحِيلُ كانتْ في الأممِ السابقة، وكانَ لليهودِ فيها قدحٌ مُعلى، حتى كشفَ القرآنُ خداعهم في أكثرِ منْ موضعٍ في كتابه .. وفضحَ تلاعبَهم في أحكامِ الدينِ في أكثرِ من موقف، ومنْ ذلكَ قولُه تعالى: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (١).

أجلْ، لقد نهى اللهُ اليهودَ أن يصيدوا الحيتانَ يومَ السبتِ تعظيمًا لهذا اليومِ وامتحانًا لهم، فابتلاهم الله بكثرة الحيتان يومَ السبتِ، فتحيَّلوا على الصيد، فكانوا يحفرونَ لها حُفرًا ويتصيدونَ لها الشباك، فإذا جاءَ يومُ السبتِ ووقعتْ في تلكَ الحفرِ والشباكِ لمْ يأخذوها في ذلكَ اليوم، فإذا جاءَ يومُ الأحدِ أخذوها .. (٢).

فكانتْ تلكَ واحدةً منْ حيلِ اليهود، وأخرى قالَ عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لعنَ اللهُ اليهودَ، حُرِّمتْ عليهمْ الشحومُ، فَجَمَلُوها (أذابوها)، فباعُوها» متفقٌ عليه (٣).

ومنْ هنا لعنَ السلفُ منْ شاَبهَ اليهودَ في تَحَايُلِهِم على ترويجِ الحرام، وفي «البخاري» و «مسلم» عنْ ابن عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قال: بلغَ عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللُه عنهُ أنَّ فلانًا باعَ خمرًا فقال: قاتلَ اللهُ فلانًا، ألمْ يعلمْ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لعنَ اللهُ اليهودَ، حُرِّمتْ عليهمْ الشحومُ، فَجَمَلُوها .. (الحديث).

وجاءَ نهيُ هذهِ الأمةِ لمشابهةِ اليهودِ في أيِّ حيلةٍ وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ترتكبوا ما


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٦٣.
(٢) تفسير السعدي ٣/ ١٠٦، ١٠٧.
(٣) جامع الأصول ١/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>