للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرجاء، ولا شكَّ أن الصومَ من بواعثِ الخوف، ومُحفِّزاتِ الرجاء، ومَن عَبَدَ اللهَ بالحبِّ والخوف والرجاء فهو المؤمنُ الموحِّد (١).

إي وربِّي إن الصائمَ في رمضانَ مع ما يَعظُمُ عنده من خوفٍ لله .. يَعظُمُ عنده الرجاءُ وهو يسمع «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه، ومَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه، ومَن قام ليلةَ القَدرْ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه».

فهل نُدرِكُ هذه المعاني في الخوفِ والرجاء وفي شهرِ الصيامِ بالذات؟

أيها الصائمون: أما خُلُقُ (المراقبة) فالصيامُ يُزكِّيه ويُنشِّطُه، ذلكم أنَّ الصائمَ يُمسِك عن المُفطِرات كلِّها- الحِسيِّ منها والمعنويِّ- طِيلةَ النهار، فتراه أمينًا على نفسِه رقيبًا عليها، متمثلًا هيبةَ مولاه، ومُقدِّرًا رقابتهَ عليه واطِّلاعَه على كل حركاتِه، فلا يَخطُرُ ببالِه أن يَخْرِمَ صيامَه ولو توارى عن الأعيُن، بل هو متواطئٌ أن الله يراه حيثُ كان .. وتلك منزلةُ الإحسان العُظْمى، وثمرةُ المراقبةِ في شهرِ الصيام، وكم يحتاج المسلمُ إلى أن يُربِّيَ نفسَه على مراقبةِ الله دائمًا، والعارفون يقولون: لا يُحسِنُ عبدٌ فيما بينَه وبينَ الله إلا أحسنَ اللهُ فيما بينَه وبينَ الناس، والضدُّ بضدِّه .. ويقولون عن أَثَر المراقبة: «إن للخَلْوةِ تأثيراتٍ تَبِينُ في الجَلْوة، كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمُه عند الخَلَوات فيتركُ ما يشتهي حذرًا من عقابِه أو رجاءً لثوابِه أو إجلالًا له، فيكونُ بذلك الفعلِ كأنه طرحَ عودًا هنديًا على مَجْمَر فيفوحُ طِيبُه فيستنشقُه الخلائقُ ولا يدرون أين هو؟ » (٢).

عبادَ الله:

أما (الحياءُ) فهو خُلُق يَبعَث على فعل الحسنِ وتركِ القبيح، ويَمنَع


(١) محمد الحمد: رمضان دروس وعبر، ص ٢٣٨.
(٢) المرجع السابق، ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>