للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تغييب الخاتمة عن الإنسان حكمة إلهية بالغة، قال ابن بطال: «في تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمة بالغة وتدبير لطيف لأنه لو علم وكان ناجيًا أعجب وكسل، وإن كان هالكًا ازداد عتوًّا فحجب عنه ذلك ليكون بين الخوف والرجاء» (١).

أيها المسلمون لم لا يخاف المسلم وأعماله مهما بلغت لا تنجي صاحبها إن لم يصحبها خوف من الجليل وطلب الرحمة من الرحمن الرحيم؟ وهذا خير البرية صلى الله عليه وسلم يقول: «ما منكم من أحد ينجيه عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل» (٢).

ويروى عنه قوله «لو أن رجلاً يخر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرمًا في مرضات الله عز وجل لحقره يوم القيامة» (٣).

وبإسناد موقوف صحيح عن محمد بن أبي عميرة رضي الله عنه قال: لو أن عبدًا خر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرمًا في طاعة الله عز وجل لحقر ذلك اليوم ولود أنه زاد كيما يزاد من الأجر والثواب (٤).

معاشر المسلمين الخوف الشرعي هو الذي يعلق صاحبه بالله تعلقًا مشروعًا، يدفعه إلى عمل الطاعات واجتناب المعاصي وطب المغفرة والرحمة مقرونًا بالرجاء وحسن الظن بالله، وليس بالخوف السلبي الذي يقعد بصاحبه عن العمل، أو يدعوه إلى فعل ما حرمه الله من الأقوال أو الأفعال، كحال جهلة الصوفية وأمثالهم ممن يعبد الله بالأهواء والتخيلات الفارغة.


(١) السابق/ ٨٩.
(٢) رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ١/ ١٠٨.
(٣) رواه أحمد وغيره، وقال الهيثمي: إسناده جيد ١٠/ ٢٢٥، السابق ١/ ١٠٩.
(٤) السابق ١/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>