للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ثلث يقرشهم واله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثًا» (١).

ومع ذلك كان يخشى الهلكة على نفسه، فيأتي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ويقول: يا أم المؤمنين إني أخشى أن أكون قد هلكت، إني من أكثر قريش مالاً بعت أرضًا لي بأربعين ألف دينار، فتوصيه بالنفقة (٢).

ترون معاشر المسلمين ماذا سيكون موقفنا إذا سألنا عن أرملة من أرامل المسلمين تهدهد أطفالها وليس عندها ما تطعمهم؟ أو عن مغيبة طال ليلها وحيل بينها وبين زوجها، أو عن أسر فقيرة معدمة لا يسألون الناس إلحافًا، وعن مدين أقلق الدائنون مضجعه ولا يجد لديونهم سدادًا. ألا وإن تفقد أحوال المسلمين وقضاء حاجات المحتاجين من سمات هذا الدين ومن أخلاق المؤمنين، ومما تستثمر به الأوقات، والدال على الخير كفاعله، ومن فرج عن مسلم كربة من كوب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة.

هذه معاشر الأحبة إطلالة يسيرة على جوانب من استثمار الوقت عند السلف الصالحين وهي كما ترون- صلاة وصيام وتلاوة واعية للقرآن علم وتعليم وعمارة للمساجد بذكر الله، دعوة للخير وجهاد في سبيل الله والمال والنفس واللسان ومرابطة في ثغور المسلمين دفاعًا عن حياض الإسلام وحرمات المسلمين وتلمس واع لحاجات المسلمين والتقفي لأحوال المحتاجين فأين الشعور بالفراغ لمن يستثمر وقته في هذه الأعمال الجليلة أو مثلها وأي مكان في مجتمع المسلمين لمن يهلكون أوقاتهم في أماكن الخنا (٣) والزنا وأين من


(١) سير أعلام النبلاء ١/ ٨٨.
(٢) السير ١/ ٨٢.
(٣) الخنا: الفحش (مختار الصحاح ص ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>