للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: العداءُ والمكرُ سُنّةٌ جاريةٌ، وقَدَرٌ إلهيٌّ، قالَ تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (١).

قال ابنُ كَثيرٍ رحمهُ اللهُ: وكما جعلْنا في قريتِكَ يا محمدُ أكابرَ منَ المجرمينَ، ورؤساءَ ودعاةً إلى الكفرِ والصدِّ عنْ سبيلِ اللهِ، وإلى مخالفتِكَ وعداوتكَ، كذلكَ كانتِ الرسلُ منْ قَبْلِك يُبتلَوْنَ بذلكَ، ثمَّ تكونُ العاقبةُ لهمْ .. وقالَ تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا} (٢).

ثانيًا: هذا المكرُ والعداءُ يتعاونُ عليهِ شياطينُ الإنسِ والجنِّ، كما قالَ ربُّنا تباركَ وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (٣).

عنْ أبي ذرٍّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهوَ في المسجدِ، فجلستُ، قالَ: «هلْ صلَّيتَ»؟ قلتُ: لا، قالَ: «قُمْ فصلِّ»، قالَ: فقمتُ فصلَّيتُ، ثمَّ جلستُ، فقالَ: «يا أبا ذرٍّ! تعوَّذْ باللهِ منْ شرِّ شياطينِ الإنسِ والجنِّ»، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ وللإنسِ شياطينُ؟ قال: «نعمْ {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (٤)».

ثالثًا: وهذا المكرُ مع غرورهِ تَصغَى إليهِ أفئدةُ مَن لا يؤمنونَ {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} (٥).

إن هؤلاءِ المغرورينَ بالزُّخرفِ يَعملونَ ما يعملونَ منَ العداوةِ للهِ ولرسلهِ


(١) سورة الأنعام، الآية: ١٢٣.
(٢) سورة الرعد، الآية: ٤٢.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١١٢.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ١١٢.
(٥) سورة الأنعام، الآية: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>