للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحلَّتْ بها عقوبةُ اللهِ في الدنيا، وما ينتظرُها في الآخرةِ أشدُّ وأخزى، وهذا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يُسلِّي ويسرِّي عنه ربُّه ويُصبِّرُه على مَكْرِ قريشٍ بذكرِ مكرِ الأُمم الماضيةِ ومصيرِهم، ويقولُ تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ (٢٦) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ .. } (١).

نَعَمْ لقدْ مكرَ الذينَ منْ قَبْلِ قريشٍ، ومكرتْ قريشٌ، ومكر من بعد قريش وما يزال المكرُ ساريًا والنتيجة واحدة {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ} فانهدمَ عليهمُ البنيانُ الذي شيَّدوهُ، وكانَ مقبرةً لهمْ، {وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} (٢)، وكذلكَ يحيقُ المكرُ السيئ بأهلهِ، وتلك سُنّةُ اللهِ معَ جميعِ الماكرينَ: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} (٣).

إخوةَ الإيمانِ: قدْ يُزيَّنُ للماكرينَ مكرُهمْ، وقدْ يغترُّ المبطِلون بباطلهمْ، ولكنَّ ذلكَ لا يُلغي حقيقةً قرآنيةً بأنهمْ -هؤلاءِ الماكرينَ- صدُّوا عنِ السبيلِ، وبأنهم ضالُّون عنِ الطريقِ الحقِّ، ومَنْ يضلِلِ اللهُ فما لهُ منْ هادٍ، اسمعْ إلى ذلكَ كلِّه في قولهِ تعالى: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (٤)، والنتيجةُ المُرتقبةُ لهؤلاءِ: {لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} (٥)، فهمْ إنْ أصابتْهم قارعةٌ، أو حلَّتْ قريبًا منْ


(١) سورة النحل، الآيتان: ٢٦، ٢٧.
(٢) سورة النحل، الآية: ٢٦.
(٣) سورة الرعد، الآية: ٤٢.
(٤) سورة الرعد، الآية: ٣٣.
(٥) سورة الرعد، الآية: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>