للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دارِهمْ فهوَ الرعبُ والقلقُ والتوقُّعُ وإلا فجفافُ القلبِ منْ نورِ الإيمان عذابٌ، وحيرةُ القلبِ بلا طمأنينةِ الإيمانِ عذابٌ، ومواجهةُ كلِّ حادثٍ بلا إدراكٍ للحكمةِ الكبرى وراءَ الأحداثِ عذابٌ، ثمَّ {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} (١).

أمّا المؤمنونَ الصادقونَ في إيمانِهمْ فقدْ ينالُهم بأسٌ منْ مكرِ الماكرينَ، وقدْ يتعرَّضونَ لأذىً منْ كيدِ الكائدينَ، وذلك ليبتليَ اللهُ المؤمنينَ ويُمحِّصَهمْ ويَمحقَ الكافرينَ ويكشفَ المنافقينَ .. إنها البأساءُ والضرّاءُ يُمتحنُ بها المسلمونَ للثباتِ على الإسلامِ وإنْ هُوجمَ .. وللصبرِ على الحقِّ وإن طُورِدَ، وعدمِ الفتنة بالباطلِ وإنْ علتْ رايتُه فترةً منَ الزمنِ، والنصرةِ للمسلمينَ وإن كانوا قِلّةً مُضطهدينَ.

إنَّ ممّا يُسلِّي المؤمنينَ ويُصبِّرُهم ويُكثّرُ قلَتَهم، ويُقوِّي ضعفَهمْ أنهم لا يخوضونَ المعركةَ معَ الكافرينَ وحدَهمْ، بلِ اللهُ معهمْ، وهو حسبُهمْ وناصرُهم والمدافعُ عنهمْ والمنتقمُ منْ أعدائهمْ، تجدونَ مصداقَ ذلكَ في عددٍ منْ آياتِ القرآنِ: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} (٢)، {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، ثم قال بعدها: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} (٣)، {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (٤).


(١) في ظلال القرآن ٤/ ٢٠٦٣.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٤.
(٣) سورة الأنفال، الآيتان: ١٧، ١٨.
(٤) سورة الحج، الآيتان: ٣٨، ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>