للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (١). إنها آيةٌ في كتابِ اللهِ تحكي موقفًا وحدثًا منْ أحداثِ السيرةِ النبوية، وتعلِّمُ المسلمينَ كيفَ يكونُ الفَرجُ بعدَ الشدة، وكيفَ يتحقَّقُ وعدُ اللهِ ونصرةُ أوليائه- ولو بعدَ فترة- والمسلمونَ الذينَ نزلتْ عليهمْ هذهِ الآياتُ كانوا يتطلَّعونَ إلى اليومِ الذي يصلونَ فيه إلى البيتِ الحرامِ بعدَ أنْ أخرجَهمُ المشركونَ منهُ ومنعوهمْ من الطوافِ فيه، وقد أُري الرسولُ صلى الله عليه وسلم في المنامِ أنهُ دخلَ مكةَ وطافَ بالبيت، فأخبرَ أصحابَهُ بذلكَ وهوَ في المدينة، فلما وقعَ الصلحُ وعادَ المسلمون دونَ أنْ يدخلوا المسجدَ الحرام، وقعَ في نفوسِ بعضهم منْ ذلكَ شيءٌ حتى نزلتِ الآيةُ مؤكِّدةً دخولَهم، ثمَّ تحقَّقَ الوعدُ في العامِ الذي يليهِ في عُمرةِ القضاءِ، وعلى رغمِ أنوفِ المشركين، وشاعرُ المسلمين يردِّدُ:

باسمِ الذي لا دينَ إلا دينُه ... باسمِ الذي محمدٌ رسولُه

خَلُّوا بني الكُفّارِ عن سبيلِهِ ... اليومَ نَضْرِبْكُمْ على تَأويلِه

كما ضربْناكمْ على تنزيلِهِ ... ضَرْبًا يُزيلُ الهامَ عن مَقِيلِه

ويُذهلُ الخليلَ عن خليلِه ... قدْ أنزلَ الرحمنُ في تنزيلِهِ

في صُحُفٍ تُتلى على رسُولِهِ ... بأَنَّ خيرَ القتلِ في سبيلِهِ

يا ربِّ إني مؤمنٌ بقِيلِه (٢)

ولقد كانَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم يربي أصحابَهُ على الصبرِ على الشدائد، ويعلِّمُهمْ كيفَ يكونُ الأملُ بعدَ الألم، وكيفَ يأتي النصرُ والفرجُ بعدَ الهزيمةِ والشدة، وفي مصابِ أُحدٍ، ورغمَ الشهداءِ والجرحى وانتفاشِ قريشٍ وفرحتِها لِما وقعَ


(١) سورة الفتح، الآية ٢٧.
(٢) تفسير ابن كثير للآية ٧/ ٣٣٧ - ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>