للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستبدلَ بهمْ صحبةَ أهلِ الخيرِ والصلاحِ والعلماءِ المتعبدينَ الورعينَ ومنْ يُقتدى بهم ويُنتفعُ بصحبتهمْ وتتأكدُ بذلكَ توبتُه (١).

إنَّ قرينَ السوءِ لنْ ينفعَ نفسَه، فأنَّى لهُ أنْ ينفعَ غيرَه، وكمْ منْ عزيزٍ كريمٍ غَرّهُ خِلّانُ السوءِ فأوْقعوه وأرْدوه، وإذا تذكرتَ- يا أخا الإسلام- أثرَ قرينِ السوءِ فلا تقعدْ بعدَ الذكرى معَ القومِ الظالمين.

الوقفة الرابعة: والحديثُ يطيبُ عن التوبةِ في كلِّ حين، والدعوةُ إلى التوبةِ لم يُستثنَ منها المؤمنون، والله يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٢).

وغيرُ المؤمنين بالتوبةِ أولى وهمْ إليها أحوجُ .. ولكنَّ التوبةَ يطيبُ التذكيرُ بها في مثل هذه الأيام التي تُكَّفرُ بها السيئاتُ وتعودُ الصحائفُ بيضاءَ نقيةً على إثرْ حجِّ بيتِ اللهِ الحرام، أو على إثرِ عملِ الصالحاتِ في الأيامِ الماضيةِ وما فيها منْ تكفيرٍ للسيئات، فالحاجُّ الموفقُ يرجعُ منْ ذنوبهِ كيومِ ولدَتْهُ أُمُهُ، والصائمُ ليومِ عرفةَ يكفرُ اللهُ عنهُ بهِ سنتين.

كما يطيبُ الحديثُ عن التوبةِ في نهايةِ عامٍ حملَ كلُّ واحدٍ منا ما حملَ من الآثام والسيئات .. وما أجملَ العامَ يُختمُ بالتوبةِ والاستغفار، واللهُ تعالى يبسطُ يَدَهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهار، ويبسطُ يَدَهُ بالنهارِ ليتوبَ مسيءُ الليل، والأعمالُ بالخواتيم، وفرقٌ بينَ منِ استحضرَ عظمةَ الله، وأدركَ عفوَهُ وسعةَ رحمتهِ فأناب وتابَ واستغفرَ مدركًا أنهُ لا يغفرُ الذنوبَ إلا الله، ومنْ لجَّ في عَمَاه واستغواهُ الشيطانُ وهواه .. فاستمرَّ يُحاددِ اللهَ بمعاصيهِ وختمَ عامَهُ بأقبحِ


(١) النووي شرح مسلم ١٧/ ٨٣.
(٢) سورة النور، الآية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>