للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ المسلمَ الذي يرتبطُ باللهِ خالقِ الكونِ ومُدبِّره، ويعرفُ حقيقةَ الحياةِ الدنيا وطبيعتها والآخرةَ ونعيمَها، ويؤمنُ بالقدرِ خيرهِ وشرِّهِ .. ينبغي أنْ يختلفَ عنْ غيره، فلا يقلقُ ولا يضجر، ولا ييأسُ ولا يَقْنطُ، وهوَ- وإنْ أحسَّ كغيرهِ بالقلقِ وفكَّرَ وقدَّرَ بالعواقب- فثمةَ مهدِّئاتٌ إيمانيةٌ تخففُ منْ رَوْعِه، وتُجيبُ على تساؤلاته، وتمنحهُ الهدوءَ والطمأنينةَ والراحةَ النفسية، بلْ وتدفعُه للعملِ المثمرِ.

وتعالوا بنا- معشرَ المسلمين- إلى شيءٍ من هذه المُسكِّناتِ الإيمانيةِ نعلمها ونتعاملُ معها، كلَّما حدثتْ أزمةٌ، أو أطلّت فتنةٌ، أو ضاقتْ علينا أنفسُنا.

أولًا: ترسيخُ مفاهيمِ العقيدةِ الحقَّةِ في نفوسنا، ومنْ قضايا التوحيدِ والعقيدةِ التي يجبُ ألا تغيبَ عنِ المؤمنِ أبدًا قضيةُ الربوبية، وأنَّ اللهَ تعالى بيدهِ الأمرُ كلُّه، وإليهِ يرجعُ الأمرُ كلُّه، فالخلقُ والرزق، والإحياءُ والإماتة والنفعُ والضُّر، والرفعُ والخفضُ .. كلُّها بيدِ الله، والخلقُ كلُّهمْ وعلى مختلفِ رُتَبِهِمْ وقوَّتِهِمْ لا يملكونَ منَ الأمرِ شيئًا {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (١).

وهذا صفوةُ الخلقِ يعلنُها حقيقةً إيمانيةً ويقول- وهوَ الكريمُ على الله-: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} (٢) ويوجهُ الخطابَ صريحًا وعامًا: ألَّا أحدَ يملكُ الضُرَّ أو النفعَ إلا الله {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} (٣).


(١) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٨٨.
(٣) سورة الأنعام، الآيتان: ١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>