للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما البشرُ فهمْ مهما امتلكوا منْ قوةٍ ضُعفاءُ، بلْ يتناهى ضعفُهم إلى حدٍّ قولهِ تعالى: {وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (١).

٢ - إخوةَ الإيمان: ومنْ توحيدِ الربوبيةِ إلى توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ مُسَكِّنٌ ثانٍ، وتوحيدُ الأسماءِ والصفاتِ هو الإقرارُ بأنَّ اللهَ بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنهُ الحيُّ القيومُ لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نوم، لهُ المشيئةُ النافذةُ، والحِكمةُ البالغةُ، وأنهُ سميعٌ بصيرٌ رؤوفٌ رحيم، على العرشِ استوى، وعلى الملكِ احتوى، وأنه الملكُ القدُّوس السلامُ المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ الجبارُ المتكبرِّ، سبحانَ اللهِ عمَّا يشركون .. إلى غيرِ ذلكَ منْ أسماءِ اللهِ الحسنى، وصفاتِه العلى (٢).

إن استشعارَ المسلمِ لأسماءِ الله، وتصوُّره لصفاتهِ يمنحهُ الرِّضى بما قضى، والطمأنينةَ بما قدَّر، ولمِ القلقُ واللهُ علّامُ الغيوب، ورحمتُهُ وسِعَتْ كلَّ شيء، وبيدهِ وحدهُ مفاتيحُ الرحمةِ ومغاليقها؟ ! {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} (٣) ولمَ الَخَوَرُ والضجرُ وأزِمَّةُ الأمورِ كلِّها بيدِ الله؟ ! فهوَ العليمُ وهوَ الحكيمُ وهوَ الخبيرُ وهو اللطيف، وهوَ السميعُ البصير، وهوَ الجبَّارُ القادرُ المتكبر، وقدْ صحَّ الخبر: «إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا، مَنْ أحصاها دخلَ الجنة .. » متفقٌ عليه، وقدْ قيلَ في معنى إحصائها: أي مَنْ أطاقَ القيامَ بحقِّ هذهِ الأسماء، والعملَ بمقتضاها، وهوَ أنْ يعتبرَ معانيها فيلزم نفسَه بموجباتها، فإذا قال: الرزاق وثِقَ بالرزق، وكذا سائرُ الأسماء (٤).


(١) سورة الحج، الآية: ٧٣.
(٢) تيسير العزيز الحميد، سلمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ١٩.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٢.
(٤) معارج القبول، الحكمي ١/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>