الصلاة كما أمروا، أولئك هم المفلحون. ولا شك أن مراغمة الشيطان ومغاليته على هذه الصلوات ورياضة النفس وتدريبها المرة تلو الأخرى خير سبيل لحفظ هذه الصلوات، فإن غاب عنك الخشوع في ركعة فاحرص عليه في الأخرى، وإن غلبك الشيطان في هذه الصلاة فغالبه في الصلاة اللاحقة، وهكذا حتى تستمر النفس الخشوع وتتقلل من الأخطاء، والله تعالى يعين الصابرين {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}.
ثم احرصوا رحمني الله وإياكم على النوافل فإنها من خير ما يسدد نقص الفرائض، وفي الحديث «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها، قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبادي من تطوع فتكملون بها فريضته»(١).
ومن عجب أن ترى أكثر الناس تفريطًا في الصلوات المكتوبة أزهدهم في النوافل المنسوبة، ومثله عجبًا أن ترى آخر من يدخل المسجد أول الناس خروجًا منه، والفضل بيد الله، وراغموا الشيطان يا عباد الله، واعلموا أن المكوث في المسجد عبادة، ولا تزال الملائكة تصلي على المرء وتدعوا ما دامت الصلاة تحبسه.
(١) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بسند صحيح: صحيح الجامع ٢/ ٣٥٣.