للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلْ، إنه لا يتكرَّرُ في الإسلام مثلُها .. في الليلِ والنهارِ، وفي اليقظةِ وبعدَ المنامِ في الشتاءِ والصيفِ، والسفرِ والحَضَرِ، والسِّلمِ والحربِ، والصحةِ والمرضِ، وعلى الغنيِّ والفقيرِ، والصغيرِ والكبيرِ، والذكرِ والأنثى، والحرِّ والعبد ..

ومنْ هنا كانتْ ميزانًا للإيمانِ المستمرِّ، والإرادةِ المتجدِّدة، والهمَّةِ العاليةِ، إن نفرًا من المسلمين علت هممُهم، فكانت الصلاةُ همَّهمْ، وتعلقَتْ في المساجد قلوبُهمْ لا يُفقدونَ في وقتٍ، ولا يتأخَّرونَ عن الجماعةِ، وإذا ما فُقدوا عَلِمَ إخوانُهمْ أنهمْ مسافرونَ أوْ مرضىَ، إذا حضرَتْهمُ الصلاةُ كانَ الخشوعُ وكانَتِ السكينةُ، وإذا خرجُوا من المسجدِ كانَ الصدقُ وحسُنُ الخلقِ، وكانَ العفافُ والتقى آثارًا خلِّفْتها الصلاةُ؛ فيهِمْ صدقٌ معَ اللهِ وحسنُ تعاملِ معَ خَلْقِ اللهِ أولئكَ أصحابُ القَدَحِ المعَلَّى، وأولئكَ أهلُ الصلاةِ حقًا وأولئكَ همُ المفلحونَ، وأولئكَ لا خَوْفٌ عليهِمْ ولا همْ يحزَنونَ.

ونفرٌ آخر يُصلونَ حينًا وينقطعونَ حينًا، تراهُمْ يكثرونَ في حالِ قيامهِمْ ولكنَّهمْ كثيرًا ما يتخلَّفونَ إذا ناموا .. وصلاةُ الفجرِ والعصرِ ثقيلةٌ عليهم، والتبكير للصلاة ليسَ عادةً مستمرةً لهم، والقضاءُ ونقرُ الغرابِ سمةٌ تكادُ تكونُ بارزةً فيهم، يَغيبُ عنهُمُ الخشوعُ حالَ الصَّلاةِ ويضعفُ أثرُ الصلاةِ في حياتهِمْ وفي التعاملِ مع إخوانهِمْ خارجَ الصَّلاةِ، أتلكَ هيَ الصلاةُ التي أُمِرَ بها المسلمونَ .. أفهكذا يُؤدَّى الركنُ الثاني من أركانِ الإسلام؟

أما علمَ أولئكَ أنَّ أسوأَ الناسِ سَرِقةً الذي يَسرقُ مِنْ صَلاتِهِ؟ (١)، أَمَا يَخشَى أولئكَ المفرِّطونَ في شأنِ الصَّلاةِ والساهونَ عَنْها أنْ يكونوا ممَّنْ قالَ اللهُ فيهمْ:


(١) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>