{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} أيرَضى المسلمُ أن يخرجَ من صلاتِهِ وما كُتبَ له إلا القليلُ منْها .. رُبعُها أو خُمسُها أو عُشْرُها؟ أوَيرضَى مصلٍّ أنْ تُلفَّ صلاتُهُ بثوبٍ خَلْقٍ ثم يُرمَى بها تقولُ: ضيَّعكَ اللهُ لِمَ ضيَّعتَني.
منْ قالَ أنَّ الصَّلاةَ قالبٌ بدونِ قلبٍ، حركاتٌ دونَ خُشوعٍ؟ عادةٌ لا عبادةٌ، صورةٌ لا حقيقةٌ، كلا- إنها رُوحٌ وراحةٌ «أرِحْنا بها يا بلال» وهي عروجٌ بالقلبِ والروحِ إلى السماءِ في اليومِ والليلةِ خمسَ مراتٍ، فضلًا عن النوافلِ، إنَّها تسبيحٌ وتكبيرٌ وتهليلٌ، وتعظيمٌ وتقديسٌ ودعاءٌ، وقوفٌ بين يَدَيِ اللهِ، رغبة ورهبة، تلاوةٌ للقرآنِ وتعظيمٌ للرحمنِ، انقطاعٌ عنِ الحياةِ والخَلْقِ، واتصالٌ بالخالقِ وقربٌ من الآخرةِ .. كمْ تغيبُ هذه المَعاني عنْ أعدادٍ منَ المسلمينَ المصَلِّينَ ويغيبُ معها أثرُ الصلاةِ في حياتهم.
أَما الذينَ لا يُصَلُّونَ فأولئكَ لهمْ شأنٌ آخرُ وحديثٌ آخرُ.
لا تستَغْربوا إنْ بلغَ المسلمونَ منَ الذلِّ ما بلغُوا وهمْ لمْ يذلُّوا بعدُ اللهِ حقًا في الصَّلاةِ؟ ولا تستغربوا أنْ كَثُرَتْ فينا الفواحشُ والمنكراتُ، فصلاتُنا لمْ تصلْ إلى مستوى النهيِ عنِ الفحشاءِ والمنكرِ.
إنَّ أمةً لا يقفُ أفرادُها بينَ يَدَيِ اللهِ في الصَّلاةِ لِطلبِ الفضْلِ والخيرِ منْهُ وحدَهُ لعاجزةٌ أنْ تقفَ ثابتةً في مواقفِ الخيرِ والوَحدةِ والنصرِ والقوَّةِ، لأنَّ هذه كلَّها منْ عندِ اللهِ وحده، فإذا أصلَحْنا ما بيننا وبينَ اللهِ أصلحَ اللهُ ما بيننا وبينَ الناس.
كمْ في الصَّلاةِ- ولا سيَّما صلاةِ الجماعةِ- من معاني الأخوَّةِ والمحبَّةِ، وكمْ يُجسِّدُ وقوفُ المصلينَ كالبناءِ المرصوصِ من معاني الرُّعب والرهبةِ في قلوبِ الأعداءِ.