وهنا أسئلةٌ تثورُ ولا بدَّ أنْ نُجيبَ عنْها بوعيٍ يتجاوزُ حدودَ الزمانِ والمكانِ كيفَ نقضي زمنَ الصيفِ بحرِّه وسَمومِهِ؟ وبماذا يُذكِّرُنا؟ وأينَ المفرُّ والمهربُ؟ وكيفَ نعبدُ ونشكرُ؟
تعاَلوْا بنا في رحلةٍ واعيةٍ وإجاباتٍ مُذكِّرةٍ- مع حرارةِ الصيفِ- نُذكِّرُ بها أنفسَنا، ونتذكَّرُ خلقًا من خلقِ اللهِ غيرَنا، ونتجاوزُ حدودَ الدنيا لنتصورَ حياةَ الآخرةِ، لنرى تباينَ الهمَمِ، واختلافَ منازلِ الصبرِ.
إنَّ مِنَ المؤكدِ أننا جميعًا نتضايقُ مِنَ الوقوفِ تحتَ حرارةِ الشمسِ ولوْ لدقائقَ معدودةٍ، ونسرعُ باحثينَ عنِ الظِّلال الوارفةِ، وتطمئنُّ نفوسُنا في الأماكنِ الباردةِ، ونحنُ في منازلِنا نستعدُّ مسبَقًا لتخفيفِ درجةِ الحرارةِ، فعَزْلٌ حراريٌّ، وتكييفٌ مائيٌّ، وآخرُ فريونيٌّ، وكمْ هيَ مُشكلةٌ لوِ انقطعَ التيارُ الكهربائيُّ في حمأةِ الظهيرةِ، أو حتى في حِنْدِسِ الظُّلمةِ؟ ومشكلةٌ أخرى لو تعطلَتْ أجهزةُ تبريدِ الماءِ وغيرِه، يا اللهُ ما أضعفَنا، وأقلَّ صبرَنا!
وحينَ تُطلُّ الإجازةُ الصيفيةُ نتهيَّأ للسفرِ، ونبحثُ عن مكانٍ نفرُّ إليهِ منَ الحرِّ؟ ولا ضيرَ في ذلكَ كلِّه- في حدودِ ما أحلَّ اللهُ- لكنْ هلْ فكّرنا مليًّا فيما نحنُ فيهِ منْ نعمةٍ؟ وهلْ نحنُ شاكرون؟ وإذا كنّا اليومَ نستطيعُ أنْ نتقيَ شدّةَ الحرارةِ بوسائلَ مختلفةٍ فهلْ بإمكانِنا غدًا أنْ نتقيَها بسهولةٍ؟ كيفَ الحالُ في أرضِ المَحشرِ؟ وهلْ منْ مفرٍّ أو مهرَبٍ؟ هناكَ لا ينطقونَ ولا يؤذنُ لهمْ فيعتذرونَ، يفرُّ المرءُ منْ أخيهِ وأمِّه وأبيهِ وصاحبتِهِ وبينهِ لكلِّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغنيه.
وفي عالمِ الدنيا كمْ همُ الذينَ في البراري والقفارِ، يستظلّونَ بظلِّ الشجرِ- إنْ وجِدَ- أو بظلِّ بعضِ منسوجِ الخيامِ إنْ توفَّر.
غاب المكيفُ، وقبلَه عزَّ البناءُ المشيّدُ، أرضُهُم في النهارِ تفوحُ لظًى وهيَ في
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute