للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تستوقفنا، وكثيرة هي المعاني العظيمة التي نقرأها في القرآن وأثرها في سلوكياتنا ضعيف، وتعالوا بنا لنقف على واحدٍ من المصطلحات نحرره، ونعلم المقصود به، ونعي قيمته، ونحاكم أنفسنا إليه، ونصحح المفاهيم الخاطئة فيه، وكيف نبلغه. إنه «الخشوع» شعار المتقين، وأول ما يرفع من المسلمين. أخرج الإمام أحمد والطبراني عن أبي الدرداء، وشداد بن أوس رضى الله عنهما- بسند صحيح- أن النبي صل الله عليه وسلم قال: «أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعًا». وفي رواية «أول ما يرفع من الناس الخشوع» (١).

وخرج النسائي- بسند صحيح أيضًا- من حديث جبير بن نفير رضي الله عنه عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء يومًا فقال: «هذا أوان يرفع فيه العلم، فقال رجل من الأنصار يقال له: زياد بن لبيد: يا رسول الله: أو يرفع العلم وقد أثبت ووعته القلوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة». وذكر ضلال اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله عز وجل، قال (جبير) فلقيت شداد بن أوسيٍ فحدثته بحديث عوف بن مالك فقال: صدق عوف، ألا أخبرك بأول ذلك يُرفع؟ قلت بلى، قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعًا» (٢).

أمة الإسلام فمعنى الخشوع المراد هنا: لين القلوب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعته الجوارح والأعضاء خاشعة مطيعة لله


(١) صحيح الجامع ٢/ ٣٥١ - ٣٥٣، وانظر تحقيق علي حسن لرسالة الخشوع في الصلاة لابن رجب/ ٢٦.
(٢) الرسالة السابقة ٢٤ - ٢٥، وانظر: صحيح الجامع الصغير ٦/ ٧٢ مع اختلاف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>