للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (١).

أجل يا أخا الإسلام إن الخشوع الحق ينتظم جوارح العبد كلها بدءًا بالقلب، ومرورًا بالمخ والعظم والعصب، وانتهاءً بالسمع والبصر. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: «اللهم لك ركعت وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي (٢) وكان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من فقده ويقول في دعائه «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا تستجاب لها» (٣).

ولك- يا أخا الإيمان- أن تدرك قيمة الخشوع وتعي قدره حين تعلم أن خيار الأمة عوتبت عليه، ولما يمضي على إسلامهم زمن طويل، قال الله تعالى {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون، اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون} (٤).

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ... إلا أربع سنين» (٥) ولعلك تدرك من لفظ الآية والتي بعدها: أن طول الأمل سببٌ


(١) الحديث متفق عليه.
(٢) رواه مسلم ٦/ ٥٧ - ٦٠ شرح النووي.
(٣) رواه مسلم ٢٧٢٢.
(٤) سورة الحديد، الآية: ١٦، ١٧.
(٥) أخرجه مسلم ١٨/ ١٦٢ النووي، الهلالي/ ١٩.
وزاد النسائي: «فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضًا» (رسالة ابن رجب في الخشوع/ ٢٩ السابقة).

<<  <  ج: ص:  >  >>