ولا نَجزعُ للضعفِ، فالقويُّ يَضعُفُ، والضعيفُ يقوَى، لا بدَّ أنْ ندرِكَ سِرَّ اللهِ في خَلقِنا، وندركَ الهدفَ منْ وجودِنا، نتوجَّهُ إليه وحدَهُ في عُبوديةِ السرّاءِ وفي عُبوديةِ الضرّاء وفي ذلكَ يتحقَّقُ الخيرُ كما أخبرَ المُصْطفى صلى الله عليه وسلم:«عَجَبًا لأمرِ المُؤمنِ إنَّ أمرَه كلَّه لهُ خيرٌ: إنْ أصابتْهُ سرّاءُ شَكَر فكانَ خيرًا لهُ، وإنْ أصابتْهُ ضرّاءُ صَبَر فكانَ خير لهُ، وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمؤمنِ» نعم، إنَّ غيرَ المؤمنِ تُبطِرُه النعمةُ، ويجزعُ للمصيبة .. فلا استفادَ ولا أُجِرَ في الحالينِ، بلْ كانَتْ السرّاءُ والضرّاءُ عليهِ نقمةٌ.
أيُّها المسلمونَ: وينبغي أنْ نستعينَ بالصبرِ والصلاةِ- على ضعفِنا- فبذلكَ أُمرْنا ونستعينُ بدعاءِ اللهِ والتضرعِ للهِ فتلكَ عُبوديةٌ نتقربُ بها إلى خالقِنا، وما فتئَ الصالحونَ يستغيثونَ ربَّهم ويدعونَه حتى يُفرِّجَ كَرَبُهم ويجيبَ دعاءَهُم ويرحمَ ضَعفَهم.
لا بدَّ أنْ نستثمرَ حالاتِ القوةِ والرخاءِ في عملِ الصالحاتِ، حتى إذا جاءتْ مرحلةُ الضعفِ أو كانتْ ظروفُ الشدةِ ولمْ نقدِرْ على بعض ما يُرضي ربَّنا، وإذا لنا رصيدٌ يُؤنسُنا ويكتبُ اللهُ لنا مثلَ أجرِهِ في حالِ عجزِنا ومرضِنا، لا بدَّ أنْ نستشعرَ قوّتَنا بالأخوةِ والتكاثرِ، والمرءُ قليلٌ بنفسِهِ كثيرٌ بإخوانه، ولا بدَّ منْ حفظِ الطاقاتِ وعدم الهدرِ.