للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثُلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابِهِ وثُلثٌ لِنَفَسِه» (١).

قالَ العلماءُ: لوْ سمعَ (بُقراطُ) هذه القسمةَ لعجبَ منْ هذهِ الحكمةِ (٢).

وحينَ قيلَ لأحدِ الأطباءِ النصارى: ما في القرآنِ والسُّنّةِ منْ آياتٍ وأحاديثَ تفوقُ ما وصفَهُ الأطباءُ، عَجِبَ منْ ذلكَ، ثمَّ قالَ: ما تركَ كتابُكمْ ولا نبيُّكمْ لجالينوس طِبًّا (٣).

وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، مادحًا حالَ المؤمنِ في الزهدِ والقناعةِ فيما يأكلُ: «الكافرُ يأكلُ في سبعةِ أمعاء، والمؤمنُ يأكُلُ في مِعيَ واحدٍ» (٤).

والمعنى كما قالَ العلماءُ: حضٌّ على التقليلِ منَ الدنيا والزهدِ فيها، فهُوَ يتناولُ دونَ شِبَعهِ ويُؤثِرُ على نفْسِهِ، ويُبقي منْ زادِه لغيرِهِ، فيقنعُه ما أَكلَ (٥).

أمّا العربُ فكانتْ تُمتدحُ بقلّةِ الأكلِ وتُذَمُّ بكثرتهِ، كما قالَ قائلُهمْ (أعشى باهِلةَ .. ):

تكفيهِ فَلِذَةُ كَبْدٍ إنْ ألمَّ بها

مِنَ الشِّواءِ ويَرْوي شُرْبَه الغُمَرُ (٦)

والمعتمدُ في ذلكَ ما جاءَ في «صحيحِ» البخاريِّ (معلِّقًا): «كُلوا واشربوا والبَسوا وتصدَّقوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخِيلةٍ» (٧).

إخوةَ الإيمانِ: يُروى أنَّ أبا جُحيفةَ (وهبَ بنَ عبد اللهِ السُّوائيَّ) رضيَ اللهُ عنهُ أكلَ


(١) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح، «صحيح الجامع».
(٢) تفسير القرطبي ٧/ ١٩٢.
(٣) تفسير القرطبي ٧/ ١٩٢.
(٤) أخرجه مسلم.
(٥) تفسير القرطبي ٧/ ١٩٣.
(٦) الغمر: القدح الصغير.
(٧) البخاري «كتاب اللباس».

<<  <  ج: ص:  >  >>