عباد الله وحين يغيب الاعتصام بالكتاب والسنة يتفرق الناس شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون، وتسود الفرقة والتناحر بدل الوحدة والألفة تستبدُّ بالناس الأهواء، ويعود المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا.
ويتهاون الناس بالواجبات المتحتمات ويتشبثون بالبدع والخرافات فهذا يقيم مولدًا، وذاك يستغيث بميت أو يطوف حول قبر، وفئة تعظم (رجبًا) وربما كان عندهم أفضل من شهر الصيام، وأخرى تعتقد أفضلية خاصة (ليلة النصف من شعبان) وتعتقد في أحيائها فضلًا خاصًا بها، ومائة ثالثة تعني بأوراد وأذكار جماعية وفرقة تعظم مزارات مبتدعة أعظم من تعظيم الكعبة.
أيها المسلمون إن ما تلحظون في عالمنا الإسلامي من الاختلاف والفرقة، ومشو البدع وقلة المستمسكين بالسنة إنما هو ثمرة طبيعية للبعد عن هدي الكتاب والسنة والجهل بهما أو التجاهل لنصوصهما، والله تعالى يقول {ومن يَعْش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين}[الزخرف: ٣٦].
قيل: معناه: من يُعرض عن ذكر القرآن وما فيه من الحِكم إلى أقاويل المضلِّين وأباطيلهم، نعاقبه بشيطان نقيضه له حتى يضلَّه ويلازمه قرينًا له».
وذكر ابن كثير نظيرها قوله تعالى:{ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى نوله ما تولى}(١).
أجل لقد اقتضت حكمة الله أن يتباين الناس في آرائهم وأن تختلف اجتهاداتهم.
لماذا الكتاب والسنة؟
{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربُّك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربِّك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}[هود: ١١٨، ١١٩]،