ولكن الله جعل للمسلمين ضمانة الاتفاق إن هم احتكموا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا}[النساء: ٥٩].
إنها قطع الاختيار، وإنهاء النزاع، والتسليم لأوامر الشرع المطهر كذلك يكون الإيمان وبذا يوصف المؤمنون {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبينًا}[الأحزاب: ٣٦].
وبمثل ذلك تُضرب الأمثال، أخرج البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم إنه نائم، وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلًا، فاضربوا له مثلًا .. فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارًا، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعيًا، فمن أجاب الداعي دخل الدار، وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا: أوِّلوها له يفْقهْها، قال بعضهم: إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله، ومن عصى محمدًا فقد عصى الله، ومحمد فرَّق بين الناس» (١).
هكذا فرق محمد صلى الله عليه وسلم بين المطيع والعاصي فمن اتبع السنة ولزم الحقَّ وإن خالف هواه فذلك المطيع، ومن هجر السنة واتخذ إلهه هواه فذلك العاصي.
أمة الإسلام لقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من شرِّ الفرقة والاختلاف، ويرى أن إلباس الناس شيعًا وإذاقة بعضهم بأس بعض أعظم من رجم السماء أو خسف