ومن المقرر عند علماء الملة أن ليس كل علم نافع، بل في العلوم ما يضر، وما يحسن حجبه عن عامة الناس، ولذا حين كانت حركة الترجمة في زمن المأمون العباسي ونقل وترجم فيها الغث والسمين، لم تكن محل رضا العالمين، ولم تورث الأمة تقدمًا قدر ما أورثته تفرقًا وفتنة، يقول الذهبي رحمه الله وحين استُخْلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع وأبدى صفحته، وبزغ فجر الكلام، وعُربت حكمة الأوائل، ومنطق اليونان، ونشأ للناس علم جديد مرد مهلك، لا يلائم علم النبوة ولا يوافق توحيد المؤمنين، قد كانت الأمة منه في عافية وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن إلى أن يقول إن من البلاء أن تعرف ما كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف، وتقدم عقول الفلاسفة ويعزل منقول إتباع الرسل، ويماري في القرآن ويُتبرم بالسنن والآثار، وتقع في الحيرة، فالفرار قبل حلول الدمار وإياك ومضلات الأهواء، ومجارات العقول، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم. (تذكرة الحفاظ ١/ ٣٢٨، ٣٢٩).
ويحذر الذهبي في موطن آخر من كتبه عن بعض العلوم ويقول: والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره علم الأوائل، واللاهيات وإلهيات الفلاسفة وبعض رياضيهم بل أكثره، وعلم السحر ثم يذكر من ذلك الشعر الذي يُعرض فيه إلى الجناب النبوي فالعلوم الباطلة كثيرة جدًا فالتحذر .. ثم يرى الذهبي إن الأحاديث المكذوبة الواردة في الصفات لا يحل بثها إلا للتحذير من اعتقادها، وإن أمكن إعدامها فحسن. (السير ١٠/ ٦٠٤).
ترى ماذا سيقول الذهبي لو أبصر ما فوق ذلك؟
إنها جنايات على الفكر والمعتقد، واختراقات أخلاقية وأمنية وانقلابات فكرية، وغزو ثقافي، واجب العقلاء والغيورين وأهل الغيرة الإسلامية، والوطنية الصادقة أن يتصدوا لها، ويكشفوا أستار المخططين والمنفذين لها.