للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرمًا .. وهو جشع واستغلال لما بالناس حاجة إليه والمؤمنون إخوة ..

أيها المسلمون أما تحديد الأسعار .. فالأصل أن الله هو المسعر والحرية مكفولة للبائع في سعر سلعته .. وقد جاء عن أنس قوله غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال: «إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال .. » (١).

لكن لولي الأمر أن يتدخل في التسعير في حالة الاحتكار .. لأن ذلك على حساب المصلحة العامة .. يقول ابن القيم: وجماع الأمران مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير سعر عليهم تسعير عدل لا وكس ولا شطط، وإذا اندفعت حاجاتهم وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل (٢).

ولولي الأمر أيضًا أن يتدخل في التسعير في حالتي الحصر والتواطئ، أما الحصر فهي أن يكون الناس قد التزموا إلا بيع الطعام أو غيره إلا أناس يعرفون، لا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم هم يبيعونها، فلو باع غيرهم ذلك منع، فها هنا يجب التسعير عليهم بحيث لا يبيعون إلا بقيمة المثل، ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء - كما يقول ابن تيمية رحمه الله (٣).

أما التواطؤ - فهي حالة مزدوجة تتمثل في تواطئ البائعين وتآمرهم على المشترين بالبيع طمعًا في الربح الفاحش، أو على العكس بأن يتواطؤ المشترون


(١) أخرجه الترمذي في البيوع وقال حديث حسن صحيح، والدارمي في النهي عن أن يسعر في المسلمين (١٣١٨) (٢٥٤٥).
(٢) انظر (مجموعة الفتاوى لابن تيمية ٢٨/ ١٠٥ الطرق الحكمية/ ٢٠٥).
(٣) (الحسن/ ٢٣/ ٢٤/ الفتاوى ٢٨/ ٧٧، ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>