محاصرة القطاع الخيري مؤشر إلى فساد الأرض، وتعميق الجهل، وزيادة حجم الكوارث، وارتفاع أصوات البكاء والعويل، إن ثمة حقيقة لا بد أن تدرك وهي: إن الطغاة والمفسدين في الأرض يشعلون الحرائق هنا وهناك، ونحن - معاشر المسلمين - نطفئ ما استطعنا من هذه الحرائق، وغيرنا يوسعون دائرة الكوارث في كل حين، ونحن نجتهد في تخفيف معاناة المتضررين منها .. أليس ذلك جرم يشهد على عنف هذه الحضارة، وويلاتها على البشرية؟
ولكن الجرم يتضاعف إذا منع إطفاء الحريق، وصدر القرار الأرعن باتهام من يحد من الكوارث، وينقذ المصابين؟
وهنا توجه رسالة إلى عقلاء ومفكري القوم مفادها: أن ما يمارسه صناع القرار في بلادهم سبب لتدمير حضارتهم هم قبل تدمير الآخرين، وهو موجب لكره العالم لهم، وتمني زوالهم، وحين لم يغب عن بالنا معاشر المسلمين وجود (مليون وخمسمائة) منظمة غير حكومية في بلادكم، و (تسعين) مليون متطوع، و (ثمانين مليون أصولي جديد) ممن يسمون بالمسيحيين المولودين من جديد، و (اثنين وثلاثين ألف) مؤسسة وقفية (انظر: د. محمد السلومي: القطاع الخيري ٥٥٤).
فماذا صنعنا نحن المسلمين لمحاربتها أو محاصرتها؟ وكيف رضيتم بمحاصرة ساستكم وقاداتكم لمؤسساتنا الخيرية؟
أما النداء الموجه للمسلمين عامة: فهو إدراك طبيعة المعركة ومساحة الحصار، وتعانق وعدوان اليهود والنصارى للمسلمين، وعلى كل واحد من المسلمين أن يشمر عن ساعد الجد، وألا يشتغل بالقول: ماذا صنع المسلمون لمواجهة هذا الحصار؟ بل ينبغي أن لا يكون الشعار والسؤال المطروح:[ماذا صنعت للدعوة للإسلام، وما حجم مساهمتي في الدفاع عن قضايا المسلمين؟ ].
وعلى كل مسلم أن يستشعر أنه إنما يقدم لنفسه؛ فالله غني عنا، وهو قادر وحده على إهلاك الظالمين، وإتمام نور الإسلام، ولكن ليبلو بعضكم ببعض، وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.