للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمانة، ورفض الخيانة، لا تغريهم الدنيا، ولا يبيعون أمتهم وشعوبهم بأبخس الإيمان ..

وحين وجد في الأمة المسلمة خونة مارقون وجد الأعداء فرصتهم للتسلل، فضاعت الديار، وانتهكت القيم، واستبيحت الأعراض، وكان حال الأمة من التشرزم والضياع بحال لا تحسد عليه.

إن الخيانة أنماط وأنواع كثيرة، ولكنها جميعًا مرة الثمرة، وخيمة العاقبة، بالغة الأثر.

هناك خيانة لله، وخيانة للرسول، وخيانة للأمانات، وثمة خيانة زوجية، وخيانة للصديق والحميم، هناك خيانة في العمل، وخيانة في التعامل، وهناك خائنة الأعين، وخائنة الضمائر، وثمة خيانات في السياسة والاقتصاد، والإعلام والتعليم ونحوها.

إنها مسئوليات جسيمة، ومواقع، ومحطات مهمة، والخيانة في أي منها، خيانة للفرد والمجتمع والدولة والأمة.

الخيانة شبح مخيف، وداء عضال، ومرض يسري، إنها غياب في الوازع الديني، واغتيال بشع للمروءة والأخلاق، أنانية ممقوتة، ومؤشر للحقد، ودليل على اللؤم، لا يقدم عليها أكابر الرجال، ولا يرتضيها، أصحاب الشهامة والكرامة.

وهاكم نموذجين في القديم والحديث ضاعت بسبب الخيانة فيهما بلاد المسلمين وتسلط الأعداء عليهم واستباحوا حماهم، وتطاولوا على قيمهم وإسلامهم.

والنموذجان كلاهما في بلاد الرافدين، وفي بغداد على وجه التحديد، سقطت الخلافة العباسية نتيجة مؤامرة لئيمة وخيانة الوزير الرافضي ابن العلقمي وذلك حينما كاتب التتر وطمعهم في دخول بلاد المسلمين، وأضعف جيش الخلافة، وغرر بالخليفة - حين رضيه مستشارًا ووزيرًا، فكانت الكارثة، وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>