وقالوا:{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} وأوحي إليهم مما قالوا: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك»، «يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك» ألا فألح على ربك يا عبد الله بحسن العبادة والمداومة عليها وقبولها .. فمهما اجتهدت بلا توفيق من الله وتسديد وقبول فجهدك ضعيف، والقبول هو الأساس وهو علامة التقوى {إنما يتقبل الله من المتقين}.
٨ - وبالجملة فصحة الإيمان والخوف من الجليل والزهد في الدنيا، والشوق للآخرة .. كل أولئك تغذو السير، وتعين على العبادة، وتقلل الطمع في الدنيا وتضعف الانشغال بها ..
أجل إن التفرغ للعبادة لا ينقص من الرزق، وأن الشره في طلب الدنيا لا يمنع الفقر - ذلك واقع مشهود، أما الحديث القدسي فقد جاء فيه:«ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإن لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك»(١).
٩ - أيها المسلم الحريص على وقته والراغب في كثرة ثواب ربه، تنبه لفضائل الأعمال وفضائل الزمان، والمكان فليكن لك منها نصيب، وتحين حضور القلب فانكسر فيه بين يدي الله، وأعط نفسك حظها من الجد في طاعة تميل إليها، وجاهدها فيما تكره حتى تستمرئها - وإياك واليأس والقنوط والإحباط فتلك قواتل تمنع السير إلى الله، واعلم أنك تقبل على رب عظيم يفرح بالتوبة ويضاعف الحسنة، وهو الرحيم اللطيف الخبير.