إنها رحمة الله لا تعز على طالب يتقي ويصبر ويؤمن به ويتوكل عليه، وكما وجدها إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام، فقد وجدها يونس - عليه السلام - وهو في قاع البحر في ظلمات ثلاث، ووجدها يوسف عليه السلام وهو في قاع الجب وغياهب السجن .. وجدها فتية آمنوا بربهم واستحال كهفهم رحمة نشرها الله وهيأ لهم من أمرهم مرفقًا ..
إنها أبواب السماء تفتح لأهل الإيمان حين تغلق أبواب الأرض، ومخارج للأزمات يهيؤها الله لأصحاب التقوى من حيث لم يحتسبوا، ورحمة الخالق جل وعز تعوض ما فقد من رحمة الخلق، ومهما كاد البشر ومكر الماكرون فالله من ورائهم محيط، وهو خير الماكرين.
إخوة الإسلام .. وقافلة الإيمان تسير ما بقي على الأرض مؤمن، وما حطت قوافلها أو توقف مسيرها - لاسيما في تاريخ خير أمة أخرجت للناس، فكانت لها المغازي والسرايا، وقوافل الفتح الإسلامي .. حتى إذا أصاب الأمة ما أصابها من الوهن والفرقة واستيأست من النصر على أعدائها هيأ لها من الأسباب ما تعيد به الماضي المجيد، ولا يزال الله يبعث لدينه ناصرًا ..
ومن أرض الإسراء ومن أكناف بيت المقدس كانت ملحمة غزو العزة، بعد سنوات عجاف من الحصار والأذى - وأعاد التاريخ نفسه شرذمة قليلة يتهمون ثم ينتصرون، وقتل للأطفال والنساء للضغط والإهانة، والمحاصرة ثم ينقلب السحر على الساحر ويزايد الفراعنة المعاصرون بهدم البيوت والمساجد، وضرب المدارس والمشافي، وإحراق الحرث والنسل .. يا لها من كوارث تشيب لها النواصي ويسجلها التاريخ عارًا وشنارًا على إخوان القردة والخنازير .. ويسجلها عزًا وصبرًا وثباتًا ومكرمة لأهل غزة الصامدين.