فالغالب - غالبًا - يفرض فكره ويصدر قيمه، والمغلوب يستقبل ويستبدل، وربما استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ومن لم تكن لديه من المناعة ما يكفي، ناله من أعراض المرض، ومن لم يكن عنده تمييز بين الغث والسمين، شرب وشرِق، وأكل وأتخم، ثم عادت الأمراض تسري في جسده، وربما وصلت إلى القلب .. فكانت المصيبة أعظم.
أيها المسلمون .. حين يكون الحديث عن الغزو الفكري، ووسائله وأثره وكيف نتقيه، فلا بد من العلم أولًا أن دين الإسلام الذي ارتضاه الله للناس، وأنعم به على البشر، قادر على التأثير والإصلاح؛ فعقيدته نقية، وفكره كامل، ونظمه شاملة للحياة، وعزته عالية، دين قادر على التحدي والصمود، وعلى المحاورة والإقناع، ومنذ نزل -وإلى يومنا هذا- وهو يتعرض للبلاء والحرب على كافة الأصعدة، ومن كافة الجهات والجبهات، ومع ذلك يتجدد، ويتمدد، وينافح عنه قوم، ويخلفهم آخرون، وستظل رايته مرفوعة، والعلامة ظاهرة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك وعد الله:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
ولا بد من العلم ثانيًا أن من أبرز علامات ضعف الأمم أخذها بكل ما يساق إليها، من غير تمييز بين الضار والنافع، والخبيث والطيب، وأن يكون ميلها إلى التافه والحقير من الشهوات والشبهات، مثل أو أعظم من توجهها إلى معالي الأمور ومحكمات الدين.
ولا بد من العلم ثالثًا أن لدى الأعداء بضاعتين: بضاعة يزجونها إلى الضعاف، وبضاعة يمنعونها عنهم، أما التي يزجون فكل ما يسلب الأخلاق، ويدمر القيم، ويذل الأمم، ويكرس العبودية والتبعية، وأما التي يمنعون فسر